بذرائع العلم الصحيح، اطلبوه في مدارس الزمان وحلقاته، وخذوه عن جهابذته وثقاته؛ واعلموا أن أنصاف الجهال: لا الجهل دفعوا، ولا بقليل العلم انتفعوا؛ وبنو الوطن الواحد إخوة وإن ذهب كل فريق بكتاب، ووصلت كل طائفة من باب؛ واتبع أناس الإنجيل، وأناس اتبعوا التنزيل، وكل بلاد تسوسها حكومة فاضلة، وتقيدها القوانين العادلة، وتعمرها جماعة عاقلة عاملة، إنما يفرق فيها بين الوطن الذي هو الحياة وشئونها، والدنيا وشجونها، والحكومة نظمها وقانونها، والمملكة سهولها وحزونها، والدولة أطرافها وحصونها، وبين الدن الذي هو السماء الرفيعة، والذروة المنيعة؛ ولاية الضمائر، وسياسة السرائر.
14
وما وطن المحسنين إلا الأسرة الكبرى، والسقف الواحد والمنزل الحاشد، القوم في ظلاله، على البر وخلاله؛ إخوان متصافون، وأهل متناصفون، وجيران متآلفون، قصد في البغضاء، وبعد عن الشحناء؛ ألسنة عفيفة العذبات،
15
وصدور نظيفة الجنبات؛ تراهم كالنحل إن سولمت عملت العسل، أو حوربت أعملت الأسل؛ فاطبع اللهم كنانتك على هذا الغرار، وأعدها كما بدأتها محلة الأبرار، واجعل أبناءنا أحرارا ولا تجعلهم أنصاف أحرار.
ربنا وأنزلهم على أحكام العقول وقضايا الأخلاق، ولا تخلهم من العواطف، وإن كن عواصف؛ ولا تكلهم للأهواء، فإنها هواء؛ وخذهم بروح العصر وسنة الزمان، واجعلهم حفظة العرش وحرسة البرلمان.
16
الجندي المجهول
[تكريم الجندي المجهول: فكرة أوحت بها الرغبة في تمجيد البطولة الصامتة: البطولة التي تعمل في الخفاء، ولعل هذه الفكرة أجمل ما ولدته الحرب الكبرى من الأفكار.]
من هو الجندي المجهول؟ وما هي حكايته؟
صفحه نامشخص