وغيرها من النفوس تضع ذلك الشراب في أي إناء انفق لها ؛ من عظام ميتة أو جلد كلب أو خنزير أو إناء خمر ، طالما ما شرب به الخمر ، أو لا يستحي الغراب أن يشرب أطيب شراب وألذه في هذه الآنية ؟
ولو جرد الصادق ذلك في حال سماعه لوجد ذوقه من ذلك ، ولكن حلاوة العسل تغيب عنه نتنه وقذره وأثر قبحه على قلبه في تلك الحال ، فبعد مفارقته يوجب له ذلك وحشة وقبضا ، هذا إذا كان صادقا في حاله مع الله وكان سماعه لله وبالله.
وأما إن كان كاذبا كان سماعه للذة نفسه وحظه فهو يشرب النجاسات في الآنية القذرات ولا يحس بشيء مما ذكرناه ؛ لاستيلاء الهوى والنفس والشيطان عليه.
وأما صاحب السماع القرآني الذي تذوقه ، وشرب منه ، فهو يشرب الشراب الطهور ، الطيب النظيف في أنظف إناء ، وأطيبه ، وأطهره .
فالآنية ثلاثة : نظيف ، ونجس ، ومختلط.
والشرابات ثلاثة : طاهر ونجس وممزوج.
القلوب ثلاثة
والقلوب ثلاثة : صحيح سليم فشرابه الشراب الطهور في الإناء النظيف ، وسقيم مريض فشرابه الشراب النجس في الإناء القذر ، وقلب فيه مادتان.
إيمان ونفاق ، فشرابه في إناء بحسب المادتين ، وقد جعل الله لكل شيء قدرا ، فالعارف من نظر في الأسباب إلى غاياتها ونتائجها ، وتأمل مقاصدها ، وما تؤول إليه.
ومن عرف مقاصد الشرع في سد الذرائع المفضية إلى الحرام ، قطع بتحريم هذا السماع ، فإن المرأة الأجنبية وسماع صوتها حرام ، وكذلك الخلوة بها .
المحرمات في الشريعة
ومحرمات الشريعة قسمان :
* قسم حرم لما فيه من المفسدة.
* وقسم حرم لأنه ذريعة إلى ما اشتمل عليه من المفسدة.
فمن نظر إلى صورة هذا المحرم ، ولم ينظر إلى ما هو وسيلة إليه استشكل وجه التحريم .
صفحه ۳۹