سبحان الله هكذا تنقسم والمواجيد ، ويتميز خلق المطرودين من خلق العبيد ، وسبحان الممد لهؤلاء وهؤلاء من عطائه والمفارق بينهم في الكرامة يوم القيامة ، فوالله لا يجتمع محبو سماع قرآن الشيطان ومحب سماع كلام الرحمن في قلب رجل واحد أبدا.
كما لا تجتمع بنت عدو الله وبنت رسول الله عند رجل واحد أبدا.
أنت القتيل بكل من أحببته ** فاختر لنفسك في الهوى من تصطفي
سماع أهل الحق
كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم ، إذا اجتمعوا واشتاقوا إلى حاد يحدو بهم ، ليطيب لهم السير ، ومحرك يحرك قلوبهم إلى محبوبهم ، أمروا واحدا منهم يقرأ والباقون يستمعون ، فتطمئن قلوبهم ، وتفيض عيونهم ويجدون من حلاوة الإيمان أضعاف ما يجده السماعاتية من حلاوة السماع.
وكان عمر بن الخطاب إذا جلس عنده أبو موسى يقول : يا أبا موسى ذكرنا ربنا ، فيأخذ أبو موسى ، في القراءة ، وتعمل تلك الأقوال في قلوب القوم عملها ، وكان عثمان بن عفان يقول : لو طهرت قلوبنا لما شبعت من كلام الله.
وأي والله ، كيف تشبع من كلام محبوبهم وفيه نهاية مطلوبهم ؟ وكيف تشبع من القرآن ؟ وإنما فتحت به لا بالغناء والألحان؟!
وإذا مرضنا تداوينا بذكركم ** فإن تركناه زاد السقم والمرض
وأصحاب الطرب والألحان عن هذا كله بمعزل ، هم في وادي والقوم في واد.
والضب والنون قد يرجى التقاؤهما ** وليس يرجى التقاء الوحي والقصب
فأين حال من يطرب على سماع الغناء والقصب بين المثالث والمثاني وذوقه ووجده إلى حال من يجد لذة السماع وروح الحال ، وذوق طعم الإيمان إذا سمع في حال إقبال قلبه على الله وأنسه به وشوقه إلى لقائه ، واستعداده لفهم مراده من كلامه وتنزيله على حاله وأخذه بحضه الوافر منه قارئا مجيداص حسن الصوت والأداء يقرأ :
صفحه ۳۵