فصل فمتى تجئ الأذواق الصحيحة المستقيمة إلى قلوب قد انحرفت أشد الانحراف عن هدي نبيها صلى الله عليه وسلم ، وتركت ما كان عليه هو وأصحابه والسلف الصالح ، فإنهم كانوا يجدون الأذواق الصحيحة المتصلة بالله عز وجل في الأعمال : الصلاة المشروعة ، وفي قراءة القرآن ، وتدبره واستماعه ، وأجر ذلك ، وفي مزاحمة العلماء بالركب ، وفي الجهاد في سبيل الله ، وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وفي الحب في الله والبغض فيه ، وتوابع ذلك ، فصار ذوق المتأخرين إلا من عصمه الله في اليراع والدف ، والمواصيل ، والأغاني المطربة من الصور الحسان والرقص ، والضجيج ، وارتفاع الأصوات ، وتعطيل ما يحبه الله ، ويرضاه من عبادته المخالفة لهوى النفس .فشتان بين ذوق الألجان وذوق القرآن وبين ذوق العود والطنبور ، وذوق المؤمنين والنور ، وبين ذوق الزمر وذوق الزمر ، وبين ذوق الناي وذوق { اقتربت الساعة وانشق القمر } [القمر : 01] وبين ذوق المواصيل والشبابات وذوق يس والصافات ، وبين ذوق غناء الشعر وذوق سورة الشعراء ، وبين ذوق سماع المكاء والتصدية وذوق الأنبياء.
وبين الذوق على سماع تذكر فيه العيون السود والخصور والقدود ، وذوق سماع سورة يونس وهود ، وبين ذوق الواقفين في طاعة الشيطان على أقدامهم صواف ، وذوق الواقفين في خدمة الرحمن في سورة الأنعام والأعراف ، وبين ذوق الواجدين على طرب المثالث والمثاني ، وذوق العارفين عند استماع القرآن العظيم والسبع المثاني ، وبين ذوق أولى الأقدام الصفات في حظيرة سماع الشيطان ، وذوق أصحاب الأقدام الصافات بين يدي الرحمن.
صفحه ۳۴