فالقحط الذي ينزل بالقلب هو الغفلة ، فالغفلة هي قحط القلوب وجدبها ، وما دام العبد في ذكر الله والإقبال عليه فغيث الرحمة ينزل عليه كالمطر المتدارك ، فإذا غفل ناله من القحط بحسب غفلته قلة وكثرة ، فإذا تمكنت الغفلة منه ، واستحكمت صارت أرضه خرابا ميتة ، وسنته جرداء يابسة ، وحريق الشهوات يعمل فيها من كل جانب كالسمائم.
فتصير أرضه بورا بعد أن كانت مخصبة بأنواع النبات ، والثمار وغيرها ، وإذا تدارك عليه غيث الرحمة اهتزت أرض إيمانه وأعماله وربت ، وأنبتت من كل زوج بهيج ، فإذا ناله القحط والجدب كان بمنزلة شجرة رطوبتها وخضرتها ولينها وثمارها من الماء ، فإذا منعت من الماء يبست عروقها وذبلت أغصانها ، وحبست ثمارها ، وربما يبست الأغصان والشجرة ، فإذا مددت منها غصنا إلى نفسك لم يمتد ، ولم ينقد لك ، وانكسر ، فحينئذ تقتضي حكمة قيم البستان قطع تلك الشجرة وجعلها وقودا للنار .
صفحه ۳