ولما امتحن الله سبحانه عبده بالشهوة وأشباهها من داخل فيه وخارج عنه ، اقتضت تمام رحمته به وإحسانه إليه أن هيأ له مأدبة قد جمعت من جميع الألوان والتحف والتحف والخلع والخلع والعطايا ، ودعاه إليها كل يوم خمس مرات ، وجعل في كل لون من ألوان تلك المأدبة ، لذة ومنفعة ومصلحة ووقار لهذا العبد ، الذي قد دعاه إلى تلك المأدبة ليست في اللون الآخر ، لتكمل لذة عبده في كل من ألوان العبودية ويكرمه بكل صنف من أصناف الكرامة ، ويكون كل فعل من أفعال تلك العبودية مكفرا لمذموم كان يكرهه بإزائه ، ويثيبه عليه نورا خاصا ، فإن الصلاة نور وقوة في قلبه وجوارحه وسعة في رزقه ، ومحبة في العباد له ، وإن الملائكة لتفرح وكذلك بقاع الأرض ، وجبالها وأشجارها ، وأنهارها تكون له نورا وثوابا خاصا يوم لقائه.
فيصدر المدعو من هذه المأدبة وقد أشبعه وقد أشبعه وأرواه ، وخلع عليه بخلع القبول ، وأغناه ، وذلك أن قلبه كان قبل أن يأتي هذه المأدبة ، قد ناله من الجوع والقحط والجذب والظمأ والعري والسقم ما ناله ، فصدر من عنده وقد أغناه وأعطاه من الطعام والشراب واللباس والتحف ما يغنيه .
تشبيه القلب بالأرض
ولما كانت الجدوب متتابعة على القلوب ، وقحط النفوس متواليا عليها ، جدد له الدعوة آلة هذه المأدبة وقتا بعد وقت رحمة منه به، فلا يزال مستسقيا ، طالبا إلى من بيده غيث القلوب ، وسقيها مستمطرا سحائب رحمته لئلا ييبس ما أنبتته له تلك الرحمة من نبات الإيمان ، وكلأ الإحسان وعشبه وثماره ، ولئلا تنقطع مادة النبات من الروح والقلب ، فلا يزال القلب في استسقاء واستمطار هكذا دائما ، يشكو إلى ربه جدبه ، وقحطه ، وضرورته إلى سقيا رحمته ، وغيث بره ، فهذا دأب العبد أيام حياته.
صفحه ۲