فكان في الثناء من آداب العبودية ، وتعظيم المعبود ما يستجلب به إقباله عليه ، ورضاه عنه ، وإسعافه بفضله حوائجه
حال العبد في القراءة والاستعاذة
فإذا شرع في القراءة قدم أمامها الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم فإنه أحرص ما يكون على خذلان العبد في مثل هذا المقام الذي هو أشرف مقامات العبد وأنفعها له في دنياه وآخرته ، فهو أحرص شيء على صرفه عنه ، وانتفاعه دونه بالبدن والقلب ، فإن عجز عن اقتطاعه وتعطيله عنه بالبدن اقتطع قلبه وعطله ، وألقى فيه الوساوس ليشغله بذلك عن القيام بحق العبودية بين يدي الرب تبارك وتعالى ، فأمر العبد بالاستعاذة بالله منه ليسلم له مقامه بين يدي ربه وليحي قلبه ، ويستنير بما يتدبره ويتفهمه من كلام الله سيده الذي هو سبب حياة قلبه ، ونعيمه وفلاحه ، فالشيطان أحرص شيء على اقتطاع قلبه عن مقصود التلاوة.
ولما علم الله سبحانه وتعالى حسد العدو للعبد ، وتفرغه له ، وعلم عجز العبد عنه ، أمره بأن يستعيذ به سبحانه ، ويلتجئ إليه في صرفه عنه ، فيكتفي بالاستعاذة من مؤونة محاربته ومقاومته ، وكأنه قيل له : لا طاقة لك بهذا العدو ، فاستعذ بي أعيذك منه ، واستجر بي أجيرك منه ، وأكفيكه وأمنعك منه .
نصيحة ابن تيمية لابن القيم
وقال لي شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه ونور ضريحه يوما : إذا هاش عليك كلب الغنم فلا تشتغل بمحاربته ، ومدافعته ، وعليك بالراعي فاستغث به فهو يصرف عنك الكلب ، ويكفيكه.
فإذا استعاذ الإنسان بالله من الشيطان الرجيم أبعده عنه .
صفحه ۱۰