اسلحه هستهای: مقدمهای خیلی کوتاه
الأسلحة النووية: مقدمة قصيرة جدا
ژانرها
فيليب إي كويل
مجلة «آرمز كنترول توداي»، المجلد 32، العدد 4 (مايو 2002)، صفحة 5
ومع دخول القنابل النووية الحرارية (الهيدروجينية) المشهد واستحداث الصواريخ البالستية طويلة المدى الحاملة للرءوس النووية في أواخر الخمسينيات، اكتسب مفهوم الردع النووي رواجا واسعا. ومع توسع الترسانة النووية في ستينيات القرن العشرين، استخدمت مصطلحات مثل «سياسة الردع» و«استراتيجية الردع» كتعبيرات لطيفة عوضا عن «السياسة النووية» (اختصارا ل «سياسة الأسلحة النووية») و«الاستراتيجية النووية». وتدريجيا ألحق المنظرون الاستراتيجيون نعوتا؛ مثل: «الموثوق به»، و«الفعال»، و«المستقر»، و«المتبادل» بمفهوم التوازن النووي أو الردع النووي.
قدم هؤلاء المنظرون أيضا تخميناتهم بشأن طرق استخدام الترسانات النووية والتوسع فيها. فمن الممكن أن تحدث «ضربة نووية أولى» حين تعتقد دولة ما أنها تملك من القوة النووية ما يكفي للتغلب على العدو، ومن ثم يتحقق لها النصر. أما مفهوم «الضربة الاستباقية» فهو قريب من هذا المعنى، ويعني شن ضربة نووية حين تتوقع الدولة أن عدوها يعد العدة لشن هجمة نووية. ويشير مصطلح «الضربة الانتقامية» أو «الضربة الثانية» إلى قدرة الدولة على امتصاص ضربة نووية أولى والاحتفاظ بما يكفي من الأسلحة النووية كي توقع ضررا غير مقبول - أو تأمل أنه غير مقبول - بالدولة المعتدية.
إلا أن صناع السياسات والجمهور نادرا ما رأوا مثل هذه الفروق الواضحة بين الاستراتيجيات. وعليه، فقد ظهر مفهوم الردع لا بوصفه استراتيجية عسكرية ولا استراتيجية سياسية، بل جرى تقبله وحسب على أنه أمر واقع. وحين رأت حكومتا الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي أن قوتي دولتيهما العسكريتين قادرتان على امتصاص ضربة نووية أولى مع الحفاظ في الوقت ذاته على قوة تكفي لشن ضربات انتقامية - وهو ما حدث بنهاية عقد الستينيات - صار الردع المتبادل أمرا واقعا، حتى إن لم يكن على صورة سياسة رسمية.
ورغم أن الردع المتبادل تحقق على نحو تدريجي، فإن تصورات القوتين العظميين وسياساتهما شهدت تباينا كبيرا منذ مطلع الحرب الباردة. وقد أوجد نظاماهما السياسيان الاجتماعيان - المبنيان على طموحات سياسية واقتصادية وجيوسياسية وأيديولوجية آخذة في الاختلاف - مخاوف حقيقية بشأن مقاصد كل منهما ونواياه. وقد تحسر ستروب تالبوت في حديثه لمجلة تايم قائلا: «لأكثر من أربعة عقود ظلت السياسة الغربية مبنية على مبالغة مفزعة لما يمكن أن يفعله الاتحاد السوفييتي لو أراد، ومن ثم ما قد يفعله، ومن ثم ما يجب على الغرب أن يكون مستعدا له ردا على ذلك.» وقد أدى هذا إلى افتراضات متشائمة مبالغ فيها للغاية بشأن القدرات السوفييتية. في الوقت ذاته، بدأ تغير مقلق في الحدوث داخل الولايات المتحدة مع تسلل النزعة العسكرية إلى الحياة الأمريكية. وبدأ التشكك حيال السلاح والجيش، ذلك التشكك الذي أرشد المجتمع الأمريكي منذ تأسيسه، في الاختفاء. وصار القادة السياسيون - من الليبراليين والمحافظين على حد سواء - مغرمين بالقوة العسكرية. وقد أقر السفير السوفييتي في واشنطن أناتولي دوبرينين في مذكراته بأن سياسات موسكو إبان الحرب الباردة كانت محكومة على نحو غير عقلاني بالفكر الأيديولوجي، وأدى هذا إلى مواجهة متواصلة. وفي وقت لاحق خلص ميخائيل جورباتشوف إلى أن القوتين العظميين تسمرتا في مكانيهما بفعل الخرافات الأيديولوجية.
هذه التوترات الأيديولوجية والسياسية أدت إلى تبني استراتيجيات مختلفة لتجنب أي صدام نووي. وبالتبعية، تعاملت الولايات المتحدة مع مشكلة منع الحرب بالكامل تقريبا عن طريق القدرات العسكرية. ومن جانبه، تعامل الاتحاد السوفييتي مع مشكلة منع الحرب بالأساس عن طريق الحوافز والمقاصد السياسية. وقد كان للتركيز المختلف للقوتين تأثيرات مهمة على العقيدة والقوات العسكرية لكل منهما.
خلال فترة الحرب الباردة تبنى الرؤساء الأمريكان استراتيجية نووية ثبت في نهاية المطاف أنها كانت متناقضة. على سبيل المثال، كان الرئيس هاري إس ترومان مقتنعا - من ناحية - بأن الأسلحة النووية لعبت دورا رئيسا في الدفاع عن العالم الديمقراطي ضد أعدائه، لكنه من ناحية أخرى كان يخشى أن تؤدي الحرب التي تستخدم فيها الأسلحة النووية إلى دمار الولايات المتحدة والحضارة الحديثة. وفي خطاب الوداع الذي ألقاه في يناير 1953 قال ترومان إن «بدء حرب نووية أمر من غير المتصور أن يفكر فيه أي رجل عاقل.» وقد صرح لاحقا أن «سبب هذا هو أن الحرب النووية تؤثر على المدنيين وتقتلهم بالجملة.» وقد كان الرئيس دوايت دي أيزنهاور يرى أن الحرب باستخدام الأسلحة النووية الحرارية «أمر مستحيل من فرط سخافته». لكن رغم إقرار إدارته والإدارات اللاحقة بأن الحرب النووية «أمر غير متصور»، فإن القادة السياسيين وقادة الجيش الأمريكيين واصلوا سعيهم لبناء الترسانات النووية التي قد تعضد أهدافهم السياسية الأكثر محدودية.
سعت إدارة ترومان إلى ربط فكرة الردع بطريقة لفرض سياسة جديدة للاحتواء كان يقصد من ورائها منع - وفي النهاية تراجع - التوسع المباشر وغير المباشر للهيمنة والنفوذ السوفييتيين. وقد سعت استراتيجية الاحتواء القومية الأساسية للإدارة ليس فقط إلى «وقف أي توسع للقوة السوفييتية»، وإنما أيضا أن يتم هذا «بكل الوسائل خلا الحرب»؛ وذلك من أجل «الحث على تقهقر سيطرة الكرملين ونفوذه ... بغرض إلغاء دافع الكرملين للهيمنة على العالم وإبطاله». وقد أملت واشنطن أن يتسبب احتكارها الذري في التوسع في نظرية الردع (منع أي هجوم نووي على الولايات المتحدة) بحيث تشمل إمكانية «الإجبار» (بمعنى إجبار السوفييت على الانسحاب من أوروبا الشرقية).
لم يكن لتدمير هيروشيما سوى تأثير رادع طفيف على موسكو، إلا أنه حفز الزعيم السوفييتي جوزيف ستالين على الإصرار على أن تملك روسيا السلاح النووي من أجل الحفاظ على توازن القوى. كما أن ستالين نظر على نحو مختلف إلى التوسع السوفييتي في أوروبا الشرقية؛ إذ رآه بوصفه حاجزا ضد أي طموحات ألمانية مستقبلية، علاوة على أنه ساعد على استعادة الحدود التاريخية لروسيا.
صفحه نامشخص