اسلحه هستهای: مقدمهای خیلی کوتاه
الأسلحة النووية: مقدمة قصيرة جدا
ژانرها
الفصل الرابع
سباق تطوير القنبلة الهيدروجينية
ظهيرة الثالث والعشرين من سبتمبر 1949، وقف رئيس الوزراء البريطاني كليمنت آتلي على درجات مقر الإقامة الرسمي في 10 شارع داوننج، وقرأ بيانا مختصرا جاء فيه: «إن حكومة جلالته تملك أدلة على أنه في غضون الأسابيع القليلة الماضية وقع تفجير ذري في الاتحاد السوفييتي.» وباستثناء الدعوة لمزيد من التعاون نحو السيطرة الدولية على الأسلحة الذرية لم يقدم البيان أي معلومات أخرى. لم يحدد البيان وقت وقوع التفجير ومكانه أو كيفية رصده، رغم أنه اتضح لاحقا أن البيان ألقي بعد مرور قرابة الشهر على التفجير الفعلي - وهو تفجير تجريبي لقنبلة من البلوتونيوم أجري في التاسع والعشرين من أغسطس - الذي تم رصده بعد وقوعه بالفعل بواسطة طائرة تجسس كانت تأخذ عينات من الهواء. لكن لم يكن أي من هذا له أهمية في ذلك الوقت. وحين حاول الصحفيون المتحمسون إثراء القصة وجدوا تكتما مماثلا من جانب المسئولين الحكوميين. كان الاستقبال الجماهيري للخبر فاترا على نحو لافت. وحين استهلت هيئة الإذاعة البريطانية نشرة أخبارها المسائية بهذا الخبر، تحدث التقرير بلهجة محايدة تقليدية. وعلى الجانب الآخر من الأطلسي، أصدر الرئيس هاري ترومان بيانا مماثلا في الوقت عينه تقريبا، ولم يقدم هذا البيان هو الآخر سوى القليل من التفاصيل، بيد أنه عمد إلى تلطيف الاحتجاج السياسي الداخلي من خلال التأكيد على أن حتمية تطوير الاتحاد السوفييتي للقنبلة يوما ما «كانت موضوعة في اعتبارنا طوال الوقت». كانت تبعات الأمر غير واضحة لكن الرسالة كانت كذلك؛ فقد انتهى الاحتكار الذري الأمريكي في وقت مبكر للغاية عما توقعه أكثر المراقبين جدية. بالنسبة للشعب البريطاني، مثل الأمر تذكرة له بأن جزره الصغيرة كثيفة السكان كانت معرضة على نحو خطير للسلاح الجديد. أما بالنسبة للشعب الأمريكي - المحمي بعاملي الوقت والموقع - فقد كان إحساس الخطر الوشيك أقل إلحاحا على الدوام.
كانت دهشة الجماهير من خبر إتقان الاتحاد السوفييتي للقنبلة الذرية فاترة على نحو لافت. لقد جاء تطوير القنبلة في وقت مبكر عما توقعه الجميع تقريبا، بيد أن هذه القدرة لم تكن في حد ذاتها مصدرا للصدمة. كانت التوقعات بشأن الوقت الذي سيتمكن فيه الاتحاد السوفييتي من دخول العصر الذري متباينة بدرجة كبيرة، وهو ما يعكس ندرة الأدلة الملموسة المتعلقة بالبرنامج الذري السوفييتي. وقد تنبأ أول التقديرات الصادرة عن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية - وكان تاريخه الحادي والثلاثين من أكتوبر 1946 - أن السوفييت سيكونون قادرين على إنتاج القنبلة «في وقت ما بين عامي 1950 و1953». شددت تقديرات لاحقة تشديدا أكبر على الحد الثاني لهذه الفترة الزمنية. وقبل أن يفجر الاتحاد السوفييتي قنبلته الأولى بخمسة أيام وحسب كانت وكالة الاستخبارات المركزية قد تنبأت بأن «أقرب موعد ممكن» سيكون فيه الاتحاد السوفييتي قادرا على تطوير القنبلة سيكون منتصف عام 1950، وإن كان «الموعد الأكثر ترجيحا» هو منتصف عام 1953. أسهم العديد من صناع السياسات بتخميناتهم بشأن هذا الأمر. فمثلا أخبر السفير الأمريكي في موسكو، والتر بيدل سميث - الذي ترأس لاحقا وكالة الاستخبارات المركزية - جيمس فورستال إبان ذروة حصار برلين في سبتمبر من عام 1948 أن الاتحاد السوفييتي سيحتاج ما لا يقل عن خمسة أعوام كي يطور القنبلة. وقد أخبر فورستال قائلا: «ربما يملكون المعرفة النظرية بشأن هذا الأمر، بيد أنهم لا يملكون القدرات الصناعية المعقدة لترجمة هذه المعرفة المجردة إلى أسلحة فعلية.» أما سير هنري تيزارد - رئيس برنامج الطاقة الذرية البريطاني - فقد رأى أن الموعد المتوقع هو عام 1957 أو 1958. ذهب البعض إلى أن الموعد سيكون متأخرا عن هذا، فيما رأى آخرون أن الاتحاد السوفييتي لن يستطيع التغلب مطلقا على الصعوبات التكنولوجية التي تحف هذه العملية. وحتى أكثر السيناريوهات تشاؤما - والذي تصورته مجموعات داخل القوات الجوية الأمريكية - فقد رأى أن الموعد المرجح هو عام 1952 أو 1953.
حظي الإعلان بتغطية مكثفة في الصحافة العالمية، لكن إجمالا كان رد الفعل الجماهيري هادئا نسبيا. بل إن البعض استغل غياب المعلومات التفصيلية من أجل التشكيك فيما إذا كان التفجير السوفييتي قد وقع من الأساس. لقد رفضت الإعلانات العامة عن القنبلة منح أي معلومات عن الكيفية التي رصد بها التفجير، وهو ما أشعل بدوره المزاعم الآتية من دعاة الانعزال المتشددين بالكونجرس، مثل السيناتور أوين بروستر (العضو الجمهوري بمجلس الشيوخ عن ولاية مين) القائلة بأن الاتحاد السوفييتي - في واقع الأمر - لم يملك قنبلة ذرية. وقد ساعد غياب أي إعلان لاحق من جانب السوفييت على تعزيز موقف هؤلاء المتشككين. ولم يختبر الاتحاد السوفييتي قنبلته الثانية إلا بعد عامين تاليين. ففي الرابع والعشرين من سبتمبر 1951، التقطت منظومة كشف الطاقة الذرية التابعة للقوات الجوية إشارات صوتية شديدة على نحو غير معتاد آتية من داخل الاتحاد السوفييتي، وقد تم لاحقا التأكيد على أنه تفجير ذري آخر.
وقد كشفت عمليات إعادة تقييم القدرات النووية السوفييتية في ضوء هذه الأخبار عن أن المخزون السوفييتي من القنابل الذرية سيرتفع من معدل قنبلتين شهريا إلى إجمالي خمس قنابل أو أكثر شهريا بنهاية عام 1950. ووفق تقديرات الاستخبارات الأمريكية من شأن هذا أن يؤدي إلى نمو الحصيلة التي كان من المرجح أن يمتلكها الاتحاد السوفييتي من القنابل الذرية بحلول منتصف عام 1950 من ما يقدر ب 10 إلى 20 قنبلة إلى نحو 200 قنبلة بحلول منتصف عام 1954. شكل هذا الرقم نوعا من العتبة الحرجة من منظور التخطيط العسكري الأمريكي؛ إذ قرر القائمون على التخطيط العسكري الأمريكي أنه ما إن يملك السوفييت القدرة على إلقاء نحو 200 قنبلة ذرية على أهداف داخل الولايات المتحدة، فسيكونون قادرين على تدمير الكثير من أهم الأهداف الأمريكية؛ وبذا يوجهون ضربات قاصمة للقدرة الحربية الأمريكية.
الاحتكار الذري الأمريكي
تحركت الولايات المتحدة ببطء يثير الدهشة في هذه الأيام الأولى من أجل صياغة سياسة استراتيجية متماسكة تربط التخطيط العسكري بأهداف السياسة الخارجية. لقد تمتعت الولايات المتحدة لما يربو على أربع سنوات بقليل باحتكار ذري. وخلال تلك الفترة، فشلت واشنطن - ومعها حلفاؤها على الجانب الآخر من الأطلسي، وخصوصا بريطانيا العظمى - في صياغة عقيدة متماسكة تجعل القوة الرهيبة للأسلحة الذرية في خدمة السياسة الخارجية الغربية، حتى مع تصاعد الإجماع في الرأي على أن الغرب كان في حرب من نوع جديد مع النظام الشيوعي في الاتحاد السوفييتي. كل ما كان بمقدورهم توجيهه كان نوعا من التهديدات الفارغة نسبيا بشأن موضوعات متفرقة. وقد شكا وزير الدفاع الأمريكي جيمس فورستال من هذا النهج واصفا إياه بأنه «جهد مشتت». وبعد أن جرى على نحو رسمي تبني مفهوم «احتواء» الاتحاد السوفييتي في أواخر نوفمبر 1948، افترض أغلب صناع السياسات بإدارة ترومان - أو بالأحرى أملوا - أن الاحتكار الذري الأمريكي سيردع السوفييت عن خرق السلام مخافة التسبب في حرب شاملة.
بيد أنه لو كانت هذه نية ترومان بالفعل، فيبدو أنها لم تنجح. لقد كان من المفترض أن تكون القنبلة هي «السلاح الرابح»، لكن بحلول عام 1948 كان من الواضح بجلاء أن الغرب لم يكن في طريقه لربح الحرب الباردة أو لمنع موسكو من تحدي المصالح الغربية على نحو متكرر، وبدا أن السوفييت يملكون زمام المبادرة على كل الجبهات ذات الأهمية. وقد كتب المحلل الاستراتيجي الفرنسي ريمون آرون في عام 1954 قائلا إنه «حين يستعرض المرء الفترة الكاملة التي أعقبت قصف هيروشيما، من الصعب مقاومة الانطباع بأن الاحتكار الذري الشهير سبب للولايات المتحدة الخسارة لا المكسب؛ إذ لم يكن لهذا الاحتكار أي فائدة خلال الحرب الباردة.» استمرت الأزمات السياسية في التلاحق: في يوغوسلافيا وإيران واليونان وإيطاليا وفرنسا وألمانيا. وقد ارتكز الجدل بشأن ما إذا كانت القنبلة الذرية ستستخدم أم لا على سؤال أهم؛ وهو ما إذا كان «ممكنا» من الأساس استخدام القنبلة الذرية.
لقد تحول الانتباه الآن إلى بناء قدرة ذرية حقيقية. وقد أدت الضغوط السياسية المطالبة بإعادة القوات المحاربة إلى أرض الوطن علاوة على التحول السلس من اقتصاد الحرب إلى اقتصاد السلم إلى عملية تسريح ضخمة من الجيش الأمريكي في أعقاب الحرب العالمية الثانية. كانت هناك أولويات محلية تسبق عملية الاستعداد لحرب أخرى، وفي الجدل الأزلي بين السلاح والغذاء انتصر الغذاء. وقد رأى أولئك القلقون من التهديد البازغ للاتحاد السوفييتي - مثل جيمس فورستال - أن عملية التسريح تجاوزت الحد المقبول. تغلغل القلق في نفوس المخططين العسكريين الأمريكيين من أن عملية التسريح التي تلت الحرب جعلت الولايات المتحدة قادرة بالكاد على الوفاء بالتزاماتها الحالية، وأنه لو حدث أن أقدم السوفييت على عمل عسكري في مسرح آخر، فلن يكون هناك ما يكفي من القوات الغربية لدرئه. كانت القيود سياسية، وليست اقتصادية أو لوجستية. فعلى النقيض من القوى العظمى الأخرى، خرجت الولايات المتحدة من الحرب العالمية الثانية مرتكزة على أساس اقتصادي متين، ولم تتعرض أراضيها أو نسيجها المجتمعي لضرر. ومن منظور منتقدي حدود الإنفاق الدفاعي المنخفضة التي فرضتها إدارة ترومان كان كل ما يتطلبه الأمر لوقف تدهور الموقف الأمريكي هو الإرادة السياسية لعمل ذلك .
صفحه نامشخص