فأما المتقابلة من قبل الأسماء والكلم غير المحصلة — ومثال ذلك فى قولنا «لا إنسان» أو «لا عدل» فإنه يظن بها أنها بمنزلة السلب من غير اسم أو من غير كلمة، وليست كذلك، وذلك أنه واجب ضرورة فى السلب أن يصدق أو يكذب. ومن قال «لا إنسان» فليس هو أحرى بأن يكون قد صدق أو قد كذب ممن قال «إنسان» — ما لم يضف إلى قوله شيئا، بل هو دونه فى ذلك.
وقولنا إن «كل لا إنسان يوجد عدلا» ليس يدل على مثل ما تدل عليه واحدة من تلك، ولا المقابل لهذا القول وهو قولنا: «ليس كل لا إنسان يوجد عدلا». فأما قولنا «كل لا إنسان يوجد لا عدلا» «فإنه يدل على مثل ما يدل عليه قولنا: «ليس يوجد شىء لا إنسان عدلا».
والأسماء والكلم إذا بدلت أماكنها فدلالتها تبقى بحال واحدة بعينها. ومثال ذلك: «يوجد إنسان عدلا»، «يوجد عدلا إنسان». فإن الأمر إن لم يكن كذلك وجب أن يكون لمعنى واحد بعينه سوالب أكثر من واحدة. غير أنا قد بينا أن الإيجاب الواحد إنما له سلب واحد، وذلك أن سلب قولنا: «يوجد إنسان عدلا» هو قولنا «ليس يوجد إنسان عدلا». فأما سلب قولنا «يوجد عدلا إنسان» إن لم يكن هذا القول وقولنا «يوجد إنسان عدلا» واحدا بعينه فهو: إما قولنا «لا يوجد عدلا لا إنسان»، وإما قولنا «لا يوجد عدلا إنسان»، لكن الأول منهما هو سلب قولنا «يوجد عدلا لا إنسان»، والثانى سلب قولنا «يوجد إنسان عدلا» — فيكون قد صار لإيجاب واحد سلبان. فقد بان أن الأسماء والكلم إذا بدلت أماكنها كان الإيجاب والسلب واحدا بعينه.
صفحه ۸۱