أَرْبَعِينَ حَدِيثا من أَمر الدّين، حرصا على إرشادهم إِلَى اقتناء النفيس الثمين، وخوفا عَلَيْهِم أَن يثبتوا دينهم بِالظَّنِّ، والتخمين، فيوقعه ترك امْتِثَال أمره فِي التَّغْيِير، والتلوين، فجدوا فِي اقتباسه فِي سَائِر الْأَوْقَات، والأحايين، وطاروا فِي التماسه إِلَى الْبلدَانِ. كلاعقبان، والشاهين، وعاشوا بِسَبَبِهِ فِي الغربة عَيْش الْفقر، وَالْمَسَاكِين، وتجوزوا فِي طلبه بِأَكْل الخشن وَلبس الثخين.
فَرب عَزِيز جَبَّار فِي غربته، كالبائس الْمِسْكِين، وَرب منعم أضحى لطول المعاناة، كالخاضع المستكين، وَلم يشغلهم عَن اكتسابه الشَّهَوَات، وشم الرياحين، وَحَمَلُوهُ عَن أربابه بالجد فِيهِ، ورفض التهوين، واستكثروا من السماع من الْعَالم بِهِ الصَّادِق الْأمين، وَكتب القرين مِنْهُم لِحِرْصِهِ عَلَيْهِ عَن القرين، حَتَّى أحكموا فِيهِ وُجُوه التَّصْحِيح لَهُ، والتوهين، ودونوه عَن أئمتهم، وشيوخهم الثِّقَات أحكم التدوين، وزينوه للطَّالِب لَهُ بتصنيفهم، وتأليفهم أبلغ التزيين، وَمكن الله لَهُم فِي نشره أحسن التَّمْكِين، ونسبوا لأَجله إِلَى الْمُصْطَفى ﷺ بِالتَّعْيِينِ، فجعلهم الله سُبْحَانَهُ برحمته من أَصْحَاب الْيَمين، وزوجهم بكرمه فِي دَار كرامته بالحور الْعين، فَلَمَّا وقف علماؤهم على مَا حضهم نَبِيّهم ﵊؛ بَادر بَعضهم إِلَى امْتِثَال مَا ندبهم إِلَيْهِ، وصنف جمَاعَة مِنْهُم " أربعينات " سَمِعت مِنْهُم، واشتهرت بهم، ونقلت عَنْهُم، وَاخْتلفت مقاصدهم فِي تصنيفها، وَلم يتفقوا على غَرَض وَاحِد فِي تأليفها، بل اخْتلفُوا فِي جمعهَا، وترتيبها، وتباينوا فِي عدهَا وتبويبها. ١ - فَمنهمْ: من اعْتمد على ذكر أَحَادِيث التَّوْحِيد، وَإِثْبَات الصِّفَات للرب ﷿، والتمجيد.
1 / 16