80

لم يدكر من شباب كان أو نعم

وما انتفاعي وقد شاب الفؤاد سدى

إن لم تشب أبدا كفي ولا قدمي

وليس ما يخدع الفتيان يخدعني

كلا، ولا شيم الفتيان من شيمي

وهو الصحيح، فلم تكن شيم الفتيان قط من شيمي، وأعي بها اللهو والغي والتمادي في طلب المتعة والسرور، وهذا التحفظ الذي لم يفارقني فترة في حياتي هو «القصد» الطبيعي الذي حفظ لي ثروة الفتوة، فجاوزت الستين وأنا أعمل عملي في العشرين، وفي الثلاثين، وفي الأربعين، وقد أزيد عليه ...

وهذا هو المقياس الصحيح لدوام قوة الشباب، ولكنه مقياس واحد من عدة مقاييس، يكثر تردادها في مثل هذا المقام.

فعندهم مقياس الشعور، وأصحاب هذا المقياس يقولون ما معناه: عمرك شعورك أو أنك تبلغ العمر الذي تحس أنك بلغته، فأنت في الثلاثين إن شعرت شعور ابن الثلاثين، وأنت في الستين إن شعرت شعور ابن الستين، وإن كانت تذكرة ميلادك تقول إنك لم تبلغ نصفها من السنين ...

وعندهم مقياس القلب والهوى، وأصحاب هذا المقياس يقولون إنك شاب إذا كانت الفتاة تسعدك وتشقيك، وكهل إذا كانت تسعدك ولا تشقيك، وشيخ إذا كانت لا تسعدك ولا تشقيك.

أي إنك شاب ما دمت تنخدع بالهوى، وما دمت تطلبه، فإن أصبحت لا تنخدع به ولا تطلبه، فقد جاوزت الشباب، وجاوزت الكهولة بعد الشباب.

صفحه نامشخص