الولاء والبراء بين الغلو والجفاء في ضوء الكتاب والسنة
الولاء والبراء بين الغلو والجفاء في ضوء الكتاب والسنة
ناشر
الكتاب منشور على موقع وزارة الأوقاف السعودية بدون بيانات
ژانرها
ومع ذلك فلا بُدّ من بيان عدم تعارض معتقد (الولاء والبراء) مع مبادئ الوسطيّة والسماحة والرحمة، وذلك يظهر من خلال النقاط الآتية التي لا تزيد على أن تكون أمثلة لعدم تعارض (الولاء والبراء) مع سماحة الإسلام:
أوّلًا: لا يُجبر أحدٌ من الكفار الأصليِّين على الدخول في الإسلام.
قال الله تعالى: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ [البقرة: ٢٥٦] ثانيًا: أنّ لأهل الذمّة التنقّل في أي البلاد حيث شاؤوا، بلا استثناء، إلا الحرم. ولهم سكنى أي بلد شاؤوا من بلاد الإسلام أو غيرها، حاشا جزيرة العرب.
وهذا كُلّه محلّ إجماع (١) إلا المرور بالحرم ففيه خلافٌ، الراجح فيه عدم الجواز (٢) .
ثالثًا: حفظ العهد الذي بيننا وبين الكفار، إذا وَفَّوْا هُمْ بعهدهم وذمّتهم.
قال الله تعالى: ﴿إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ﴾ [التوبة: ٤]
«وعن أبي رافع ﵁ (وكان قبطيًّا)، قال: بعثتني قريشٌ إلى رسول الله ﷺ، فلما رأيت رسول الله ﷺ أُلقيَ في قلبي الإسلام، فقلت: يا رسول الله، إني والله لا أرجع إليهم أبدًا، فقال رسول الله ﷺ: «إني لا أخيس بالعهد، ولا أحبس البُرُد. ولكن ارجع، فإن كان في نفسك الذي في نفسك الآن، فارجع» . قال: فذهبتُ، ثم أتيتُ النبيَّ ﷺ، فأسلمتُ» (٣) .
_________
(١) انظر: مراتب الإجماع لابن حزم (١٢٢)، وانظر أحكام أهل الذمة لابن القيم (١ / ١٧٥- ١٩١) .
(٢) انظر: أحكام أهل الذمة لابن القيم (١ / ١٨٨ - ١٩١) .
(٣) أخرجه الإمام أحمد (رقم ٢٣٨٥٧)، وأبو داود (رقم ٢٧٥٢)، والنسائي في الكبرى (رقم ٨٦٢١)، وابن حبان في صحيحه (رقم ٤٨٧٧) . وإسناده صحيح.
1 / 10