Al-Mufeed Fi Muhimat Al-Tawheed
المفيد في مهمات التوحيد
ناشر
دار الاعلام
شماره نسخه
الأولى ١٤٢٢هـ
سال انتشار
١٤٢٣هـ
ژانرها
المطلب الثاني: مفهوم العبودية الشامل في ضوء النصوص الشرعية
سبق أن ذكرنا تعريف شيخ الإسلام ابن تيمية للعبادة، بأنها: "اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأقوال والعمال الباطنة والظاهرة".
فالعبادة على هذا لا تقتصر على أركان الإسلام فحسب؛ من صلاة، وصيام، وزكاة، وحج. بل إن الإسلام أسبغ على أعمال الإنسان كلها صفة العبادة، إذا تحقق فيها شرطا قبول العمل، وهما١:
أولا: الإخلاص؛ بأن يكون العمل خالصا لوجه الله الكريم، كما قال تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء﴾ [البينة: من الآية٥] . فينوي العبد أن يكون عمله، وقوله: وإعطاؤه، ومنعه، وحبه، وبغضه لله وحده، لا شريك له؛ إذا الأعمال لا تقوم إلا بالنيات، كما قال ﷺ: "إعمال بالنيات" ٢؛ فالنية تتحكم في العمل، وتقلبه إلى عبادة.
ثانيا: المتابعة؛ بأن يكون العمل على منهاج رسول الله ﷺ، وهديه القويم، كما قال تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الحشر: من الآية٧] . فالأعمال لا اعتبار لها إلا إذا كانت على الوجه الذي رسمه الشرع. روت أم المؤمنين عاشة ﵂ أن رسول الله ﷺ قال: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه، فهو رد" ٣.
وكل عمل بلا متابعة، فإنه لا يزيد عامله إلا بعدا من الله؛ فإن الله ﷿ إنما يعبد بأمره، لا بالأهواء، ولا الآراء.
والمسلك الحسن ليس في إخلاص العمل لله ﷿ فحسب، ولا في متابعة الرسول ﷺ فقط، بل في مجموعهما معا، فإن الله ﷿ ذكر العمل الصالح، فقال: ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ [الكهف: من الآية ١١٠]، والعمل الصالح هو الخالص الصواب، فإذا جمع العمل هذين الشرطين، كان عبادة.
_________
١ انظرهما في كتاب: تجريد التوحيد المفيد للمقريزي ص٨٨-٨٩.
٢ صحيح البخاري، كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله ﷺ. وصحيح مسلم، كتاب الإمارة، باب قوله ﷺ: "إنما الأعمال بالنيات".
٣ صحيح البخاري، كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على جور، فالصلح مردود. وصحيح مسلم، كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة، ورد محدثات الأمور.
1 / 93