Al-Mawsu'ah Al-'Aqidiya - Al-Durar Al-Sunniyah

Group of Authors d. Unknown
52

Al-Mawsu'ah Al-'Aqidiya - Al-Durar Al-Sunniyah

الموسوعة العقدية - الدرر السنية

ناشر

موقع الدرر السنية على الإنترنت dorar.net

ژانرها

المبحث العاشر: الغيبية والغيبية كأحد خصائص العقيدة الإسلامية تعني قيام العقيدة على التسليم بوجود الغيب، كما تعني وجوب الإيمان بكل ما ورد في النصوص الشرعية من أمور الغيب، وعدم رد شيء منها أو تأويلها. قال قتادة في قوله تعالى: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ [البقرة: ٣]:) آمنوا بالجنة والنار، والبعث بعد الموت، وبيوم القيامة، وكل هذا غيب (، وقال أنس ﵁:) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ: آمنوا بالله وملائكته، ورسله، واليوم الآخر، وجنته، وناره، وآمنوا بالحياة بعد الموت، فهذا كله غيب «١). وقال القرطبي في تفسير قوله تعالى: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ [البقرة: ٣]: (اختلف المفسرون في تأويل الغيب هنا، فقالت فرقة: الغيب في هذه الآية: الله سبحانه، وضعفه ابن العربي، وقال آخرون: القضاء والقدر، وقال آخرون: القرآن وما فيه من الغيوب، وقال آخرون: الغيب كل ما أخبر به الرسول ﷺ مما لا تهتدي إليه العقول من أشراط الساعة، وعذاب القبر، والحشر، والنشر، والصراط، والميزان، والجنة، والنار، قال ابن عطية: وهذه الأقوال لا تتعارض؛ بل يقع الغيب على جميعها، قلت: وهذا هو الإيمان الشرعي المشار إليه في حديث جبريل ﵇، حين قال للنبي ﷺ: فأخبرني عن الإيمان، قال: (أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره)، قال: صدقت (٢) .. وذكر الحديث) (٣). مظاهر ودلائل الغيبية: والغيبية واحدة من الركائز الكبرى والخصائص العظمى في العقيدة، حيث إن كثيرا من مسائل العقيدة وقضاياها يقع في نطاق الغيب، ولذلك شواهد كثيرة في الشرع، فمن ذلك: ١ - أن الباري سبحانه ابتدأ كتابه العزيز بذكر هذه الركيزة كخاصية من خواص المؤمنين اللازمة، وصفة من صفاتهم البارزة. قال تعالى: الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ [البقرة: ١ - ٣]. قال شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀:) ولما كانت سورة البقرة سنام القرآن ويقال إنها أول سورة نزلت بالمدينة، افتتحها الله بأربع آيات في صفة المؤمنين، وآيتين في صفة الكافرين، وبضع عشرة آية في صفة المنافقين «٤). ٢ - ما ورد في فضل المؤمنين بالغيب وعظم أجرهم، وبيان أن الإيمان بالغيب هو أفضل الإيمان وأعظم مقامات الدين. فعن عبد الرحمن بن يزيد قال: كنا عند عبد الله بن مسعود جلوسا، فذكرنا أصحاب النبي ﷺ وما سبقونا به، فقال عبد الله: (إن أمر محمدٍ ﷺ كان بينا لمن رآه، والذي لا إله غيره ما آمن أحد قط إيمانا أفضل من إيمان بغيب ثم قرأ: الم، ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ، الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ [البقرة: ١ - ٣] (٥). وقال ابن القيم ﵀ في تعليقه على قوله تعالى: مَّا كَانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاء فَآمِنُواْ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ [آل عمران: ١٧٩] فحظكم أنتم وسعادتكم في الإيمان بالغيب الذي يطلع عليه رسله، فإن آمنتم به وأيقنتم فلكم أعظم الأجر والكرامة) (٦). وقال ﵀: (الإيمان بالغيب أجل المقامات على الإطلاق) (٧). وكما أن الإيمان بالغيب يقوم على أساس متين من الشرع، فهو يقوم كذلك على أساس متين من الفطرة والعقل. علم العقيدة عند أهل السنة والجماعة لمحمد يسري- ٢٥٥

(١) «تفسير الطبري» (١/ ١٠١). (٢) «رواه مسلم من حديث عمر، وروى البخاري ومسلم نحوه من حديث أبي هريرة ﵁). (٣) «تفسير القرطبي» (١/ ١٦٣). (٤) «مجموع الفتاوى» (٧/ ٢٠٠). (٥) رواه سعيد بن منصور في «سننه» (٢/ ٥٤٤). والحاكم في «المستدرك» (٣٠٣٣)، وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وقال ابن حجر في «الأمالي المطلقة» (٣٩): إسناده صحيح. (٦) «زاد المعاد لابن القيم» (٣/ ٢٢٠). (٧) «طريق الهجرتين لابن القيم» (١/ ٤٣٧).

1 / 51