Al-Kalimat al-Hisan fi Bayan Uluw al-Rahman
الكلمات الحسان في بيان علو الرحمن
ژانرها
ولا يتمُّ إنكارُ الفوقيَّةِ إلَّا بإنكارِ الرؤيةِ، ولهذا طَرَدَ الجهميَّةُ أَصْلَهُم، وصرَّحوا بذلكَ، وركَّبوا النَفْيَيْنِ معًا، وصدَّقَ أهلُ السنَّةِ بالأمرينِ معًا، وأقرُّوا بهما، وصارَ مَنْ أثبتَ الرؤيةَ، ونفى علوَّ الرَّبِّ على خلقهِ واسْتِوَاءَهُ على عرشهِ مُذَبْذَبًا بينَ ذلكَ لا إلى هؤلاءِ، ولا إلى هؤلاءِ» (١).
الخامسُ عَشرَ:
التصريحُ بنزوله ﷾ كلَّ ليلةٍ إلى السَّماءِ الدنيا، والنُّزولُ المعقولُ عندَ جميعِ الأممِ إنَّما يكونُ من العُلُوِّ إلى أَسْفَلَ (٢).
عن أبي هريرةَ ﵁ قالَ: قالَ رسولُ الله ﷺ: «يَنْزِلُ رَبُّنَا ﵎ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرِ، فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟» (٣).
اعلمْ رحمكَ الله بأنَّ حديثَ النزولِ «حديثٌ كبيرٌ جليلٌ، تنادي جلالتهُ وفخامتهُ وعظمتهُ على أنَّهُ قدْ خرجَ منْ مشكاةِ النبوةِ» (٤)، و«هو قرَّةٌ لعيونِ أهلِ الإيمانِ، وشجىً في حلوقِ أهلِ التَّعطيلِ والبهتانِ» (٥)، يجبُ الأخذُ بظاهرهِ منْ غيرِ تأويلٍ ولا يجبُ أنْ يستوحشَ منْ إطلاقِ مثلِ ذلكَ.
قالَ الإمامُ الشافعيُّ ﵀ (٢٠٤هـ): «القولُ فِي السنَّةِ التي أنَا عليهَا ورأيتُ أصحابَنا عليها، أهلَ الحديثِ الذينَ رأيتهم فأخذتُ عنهم، مثلُ سفيانَ [بن عيينة] ومالكٍ وغيرهما:
_________
(١) إعلام الموقعين (٢/ ٣١٧ - ٣١٨).
(٢) إعلام الموقعين (٢/ ٣٠١).
(٣) رواه البخاري (١١٤٥ و٦٣٢١ و٧٤٩٤)، ومسلم (٧٥٨) وهو حديث متواتر.
(٤) زاد المعاد (٣/ ٦٧٧).
(٥) مختصر الصواعق (٢/ ٢٣٧).
1 / 47