Al-Istidh'af wa Ahkamuhu fi al-Fiqh al-Islami
الاستضعاف وأحكامه في الفقه الإسلامي
ناشر
دار كنوز إشبيليا للنشر والتوزيع
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٣٤ هـ - ٢٠١٣ م
محل انتشار
الرياض - المملكة العربية السعودية
ژانرها
شيء، حتى فتح له مكة التي أخرجته، ومكن له فيها، وأرغم آناف أعدائه منهم، ومن سائر أهل الأرض، حتى دخل الناس في دين اللَّه أفواجا، وظهرت كلمة اللَّه ودينه على سائر الأديان، في مشارق الأرض ومغاربها في أيسر زمان؛ ولهذا قال تعالى: ﴿فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ (١٣) وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ﴾ (١) " (٢).
ولهذا لما انطلقت خديجة ﵂ برسول اللَّه ﷺ إلى ورقة بن نوفل (٣) أدرك في الحال ما الذي سيقع للرسول الكريم، فقال: (هذا الناموس الذي نزله اللَّه به على موسى يا ليتني فيها جذع، ليتني أكون حيًا إذ يخرجك قومك، فقال رسول اللَّه ﷺ: (أو مخرجي هم!). قال: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا، ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي) (٤)، وإن الخروج من الديار ليس بالأمر الهين ولهذا فقد قارنه اللَّه ﷿ بقتل النفس فقال سبحانه: ﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا﴾ (٥).
(١) سورة إبراهيم، الآيتان [١٣ - ١٤].
(٢) تفسير القرآن العظيم، ٤/ ٤٨٣.
(٣) ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشي الأسدي ابن عم خديجة زوج النبي ﷺ، ذكره الطبري والبغوي وابن قانع وابن السكن وغيرهم في الصحابة، قال ابن حجر ﵀: "وفي إثبات الصحبة له نظر"، كان حكيمًا وممن اعتزل الأوثان قبل الإسلام، وامتنع من أكل ذبائحها، وتنصر وقرأ كتب الأديان، وكان يكتب اللغة العربية بالحرف العبراني. انظر: الإصابة في تمييز الصحابة، ٦/ ٦٠٧ - ٦٠٩، والأعلام، ٨/ ١١٤.
(٤) أخرجه البخاري، كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول اللَّه ﷺ، رقم: ٣، ومسلم، كتاب الإيمان، باب بدء الوحي إلى رسول اللَّه ﷺ، رقم: ١٦٠.
(٥) سورة النساء، الآية [٦٦].
1 / 87