١ - أنه في قوله تعالى: ﴿أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ﴾ (^١)، قال الجِبلي (^٢): "وفي محلِّ ﴿مَنْ﴾ من الإعراب ثلاثةُ أوجُه: الرَّفع على الابتداء، والنَّصب على الإضمار، تقديره: أَوَ مَنْ يُنَشَّأُ في الحِلْيةِ يَجْعَلُونَهُ رَبًّا أو بَناتِ اللَّهِ؟ والخَفْض رَدًّا على قوله: ﴿مِمَّا يَخْلُقُ﴾ وقولِهِ: ﴿بِمَا ضَرَبَ﴾.
فقوله: "والنَّصب على الإضمار. . . " كان ينبغي أن يكون التقدير مثلًا: أَجَعَلْتُمْ أو أَتَجْعَلُونَ مَن يُنَشَّأُ في الحِلْية رَبُّا أو بناتِ اللَّهِ؟ حتى يوافقَ ما ذكره أولًا، لا كما قدَّره: أو مَن يُنشَّأُ في الحِلْية تجعَلونه ربًّا. . . إلخ؛ لأن "مَنْ" -على هذا التأويل الذي ذكره-: مبتدأٌ، و﴿تَجْعَلُونَهُ﴾ المقدَّر هو الخبر.
٢ - أنه قال (^٣): "قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ﴾ (^٤)؛ أي: ما كان للرحمن ولدٌ، و"إِنْ "هاهنا: نفيٌ وجحودٌ، كما قال اللَّه تعالى: ﴿إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ﴾ (^٥)؛ أي: ما أنت إلّا نذيرٌ، وقوله: ﴿إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ﴾ (^٦)؛ أي: ما نحن إلّا بشَرٌ مِثلُكم، والمعنى: قلْ لهم يا محمد: إن كان للرَّحمن ولَدٌ في قولكم وزَعْمِكم ﴿فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ﴾ يعني: المُوَحِّدِينَ".
وهذا تخليطٌ من المؤلِّف؛ لأنه ذكر أنّ "إِنْ" نافيةٌ بمعنى "ما"، ثم فَسَّرَ المعنى على وجهٍ آخَرَ في "إِنْ" وهو: أنها شَرْطيّةٌ على بابها، والفاء جوابُها.
(^١) الزخرف ١٨.
(^٢) البستان ١/ ١٥٢.
(^٣) البستان ٢/ ٤٩٠.
(^٤) الزخرف ٨١.
(^٥) فاطر ٢٣.
(^٦) إبراهيم ١١.