ونظرًا لما عهدناه عن البيهقي من أنه لا يقول في الصفات قولًا إلا ويسنده بدليل شرعي، فإننا نجده هنا يستدل لهذا التقسيم بآيات كريمات رآها صالحة لأن تكون مناطًا لاستدلاله وهي قوله تعالى: ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلا َّهُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ، هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ ١. وقد بيّن وجهة استدلاله بهذه الآيات على تقسيمه للصفات بقوله: "فأشار في هذه الآيات إلى فصل أسماء الذات من أسماء الفعل"٢.
ويعني بذلك أن الله ﵎ ذكر في هذه الآيات أسماء الذات التي تشتمل على الصفات التي اشتقت منها هذه الأسماء، وذكر بعد ذلك أسماء الفعل الدالة على الصفات التي اشتقت منها أيضًا وفصل بين النوعين بضمير الفصل "هو" وهذا دليل على صحة هذا التقسيم عند البيهقي.
وينبغي أن نعلم أن مخالفة البيهقي للمتكلمين في هذا التقسيم يعني موافقة السلف على ماذهبوا إليه، لأن ماذهب إليه البيهقي هو التقسيم الصحيح للصفات، لأنه يشمل جميع أنواع الصفات الثابتة للباري ﷾، فلا تخرج عن هذين القسمين اللذين ذهب إليهما البيهقي وهذا بعينه ما سلكه السلف في تقسيمهم لها، لأن جميع نصوص الصفات من آيات