لنَفسك واستقصارا لَهَا فَهُوَ أولى وتفكر فِيمَن كَانَ أعلم مِنْك تجدهم كثيرا فلتهن نَفسك عنْدك حِينَئِذٍ وتفكر فِي إخلالك بعلمك وَأَنَّك لَا تعْمل بِمَا علمت مِنْهُ فلعلمك عَلَيْك حجَّة حِينَئِذٍ وَلَقَد كَانَ أسلم لَك لَو لم تكن عَالما وَاعْلَم أَن الْجَاهِل حِينَئِذٍ أَعقل مِنْك وَأحسن حَالا وأعذر فليسقط عجبك بِالْكُلِّيَّةِ ثمَّ لَعَلَّ علمك الَّذِي تعجب بنفاذك فِيهِ من الْعُلُوم الْمُتَأَخِّرَة الَّتِي لَا كَبِير خصْلَة فِيهَا كالشعر وَمَا جرى مجْرَاه فَانْظُر حِينَئِذٍ إِلَى من علمه أجل من علمك فِي مَرَاتِب الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فتهون نَفسك عَلَيْك وَإِن أعجبت بشجاعتك فتفكر فِيمَن هُوَ أَشْجَع مِنْك ثمَّ انْظُر فِي تِلْكَ النجدة الَّتِي منحك الله تَعَالَى فيمَ صرفتها فَإِن كنت صرفتها فِي مَعْصِيّة فَأَنت أَحمَق لِأَنَّك بذلت نَفسك فِيمَا لَيْسَ ثمنا لَهَا وَإِن كنت صرفتها فِي طَاعَة فقد أفسدتها بعجبك ثمَّ تفكر فِي زَوَالهَا عَنْك بالشيخوخة وَأَنَّك إِن عِشْت فستصير من عدد الْعِيَال وكالصبي ضعفا على أَنِّي مَا رَأَيْت الْعجب فِي طَائِفَة أقل مِنْهُ فِي أهل الشجَاعَة فاستدللت بذلك على نزاهة أنفسهم ورفعتها وعلوها وَإِن أعجبت بجاهك فِي دنياك فتفكر فِي مخالفيك وأندادك ونظرائك ولعلهم أخساء وضعفاء سقاط فَاعْلَم أَنهم أمثالك فِيمَا أَنْت فِيهِ ولعلهم مِمَّن يستحيا من التَّشَبُّه بهم لفرط رذالتهم وخساستهم فِي أنفسهم وأخلاقهم ومنابتهم فاستهن بِكُل منزلَة شاركك فِيهَا من ذكرت لَك وَإِن كنت مَالك الأَرْض كلهَا وَلَا مُخَالف عَلَيْكُم وَهَذَا بعيد جدا فِي الْإِمْكَان فَمَا نعلم أحدا ملك معمور الأَرْض كُله على قلته وضيق ساحته بِالْإِضَافَة إِلَى غامرها
1 / 69