بصوابه فَتخرج لَا لَك وَلَا عَلَيْك والأغلب أَن خطأك أَكثر من صوابك وَهَكَذَا كل أحد من النَّاس بعد النَّبِيين صلوَات الله عَلَيْهِم وَإِن أعجبت بعملك فتفكر فِي مَعَاصِيك وَفِي تقصيرك وَفِي معاشك ووجوهه فوَاللَّه لتجدن من ذَلِك مَا يغلب على خيرك ويعفي على حَسَنَاتك فليطل همك حِينَئِذٍ وأبدل من الْعجب تنقصا لنَفسك وَإِن أعجبت بعلمك فَاعْلَم أَنه لَا خصْلَة لَك فِيهِ وَأَنه موهبة من الله مُجَرّدَة وهبك إِيَّاهَا رَبك تَعَالَى فَلَا تقَابلهَا بِمَا يسخطه فَلَعَلَّهُ ينسيك ذَلِك بعلة يمتحنك بهَا تولد عَلَيْك نِسْيَان مَا علمت وحفظت وَلَقَد أَخْبرنِي عبد الملك بن طريف وَهُوَ من أهل الْعلم والذكاء واعتدال الْأَحْوَال وَصِحَّة الْبَحْث أَنه كَانَ ذَا حَظّ من الْحِفْظ عَظِيم لَا يكَاد يمر على سَمعه شَيْء يحْتَاج إِلَى استعادته وَأَنه ركب الْبَحْر فَمر بِهِ فِيهِ هول شَدِيد أنساه أَكثر مَا كَانَ يحفظ وأخل بِقُوَّة حفظه إخلالا شَدِيدا لم يعاوده ذَلِك الذكاء بعد وَأَنا أصابتني عِلّة فَأَفَقْت مِنْهَا وَقد ذهب مَا كنت أحفظ إِلَّا مَا لَا قدر لَهُ فَمَا عاودته إِلَّا بعد أَعْوَام وَاعْلَم أَن كثيرا من أهل الْحِرْص على الْعلم يَجدونَ الْقِرَاءَة والإكباب على الدُّرُوس والطلب ثمَّ لَا يرْزقُونَ مِنْهُ حظا فَليعلم ذُو الْعلم أَنه لَو كَانَ بالإكباب وَحده لَكَانَ غَيره فَوْقه فصح أَنه موهبة من الله تَعَالَى فَأَي مَكَان للعجب هَا هُنَا مَا هَذَا إِلَّا مَوضِع تواضع وشكر لله تَعَالَى واستزادة من نعمه واستعاذة من سلبها ثمَّ تفكر أَيْضا فِي أَن مَا خَفِي عَلَيْك وجهلته من أَنْوَاع الْعلم ثمَّ من أَصْنَاف علمك الَّذِي تخْتَص بِهِ فَالَّذِي أعجبت بنفاذك فِيهِ أَكثر مِمَّا تعلم من ذَلِك فَاجْعَلْ مَكَان الْعجب استنقاصا
1 / 68