وَرُبمَا أدّى ذَلِك إِلَى الْمُطَالبَة وَالضَّرَر الْعَظِيم دون مَنْفَعَة أصلا إِن لم يكن بُد من إغضاب النَّاس أَو إغضاب الله ٠ ﷿ وَلم يكن لَك مندوحة عَن منافرة الْخلق أَو منافرة الْحق فأغضب النَّاس ونافرهم وَلَا تغْضب رَبك وَلَا تنافر الْحق الاتساء بِالنَّبِيِّ ﷺ فِي وعظ أهل الْجَهْل والمعاصي والرذائل وَاجِب فَمن وعظ بالجفاء والا كفهرار فقد أَخطَأ وتعدى طَرِيقَته ﷺ وَصَارَ فِي أَكثر الْأَمر مغريا للموعوظ بالتمادي على أمره لجاجا وحردا ومغايظة للواعظ الجافي فَيكون فِي وعظه مسئيا لَا محسنا وَمن وعظ ببشر وَتَبَسم ولين وَكَأَنَّهُ مشير بِرَأْي ومخبر عَن غير الموعوظ بِمَا يستفتح من الموعوظ فبذلك أبلغ وأنجع فِي الموعظة فَإِن لم يتَقَبَّل فلينتقل إِلَى الموعظة بالتحشيم وَفِي الْخَلَاء فَإِن لم يقبل فَفِي حَضْرَة من يستحي مِنْهُ الموعوظ فَهَذَا أدب الله فِي أمره بالْقَوْل واللين وَكَانَ ﷺ لَا يواجه بِالْمَوْعِظَةِ لَكِن كَانَ يَقُول مَا بَال أَقوام يَفْعَلُونَ كَذَا وَقد أثنى ﵊ على الرِّفْق وامر بالتيسير وَنهى عَن التنفير وَكَانَ يَتَخَوَّلُ بِالْمَوْعِظَةِ خوف الْملَل وَقَالَ تَعَالَى ﴿وَلَو كنت فظا غليظ الْقلب لانفضوا من حولك﴾ وَأما الغلظة والشدة فَإِنَّمَا تجب فِي حد من حُدُود الله تَعَالَى فَلَا لين فِي ذَلِك للقادر على إِقَامَة الْحَد خَاصَّة وَمِمَّا ينجع فِي الْوَعْظ أَيْضا الثَّنَاء بِحَضْرَة الْمُسِيء على من فعل خلاف فعله فَهَذَا دَاعِيَة إِلَى عمل
1 / 63