احْتَاجَ إِلَيْك وأمكنك نَفعه وَإِن لم يعتمدك بالرغبة وَلَا تشعر نَفسك انْتِظَار مقارضة على ذَلِك من غير رَبك ﷿ وَلَا تبن إِلَّا على أَن من أَحْسَنت إِلَيْهِ أول مُضر بك وساع عَلَيْك فَإِن ذَوي التراكيب الخبيثة يبغضون لشدَّة الْحَسَد كل من أحسن إِلَيْهِم إِذا رَأَوْهُ فِي أَعلَى من أَحْوَالهم وعامل كل أحد فِي الْإِنْس أحسن مُعَاملَة وأضمر السلو عَنهُ إِن فَاتَ بِبَعْض الْآفَات الَّتِي تَأتي مَعَ مُرُور الْأَيَّام والليالي تعش مسالما مستريحا لَا تنصح على شَرط الْقبُول وَلَا تشفع على شَرط الْإِجَابَة وَلَا تهب على شَرط الإثابة لَكِن على سَبِيل اسْتِعْمَال الْفضل وتأدية مَا عَلَيْك من النَّصِيحَة والشفاعة وبذل الْمَعْرُوف حد الصداقة الَّذِي يَدُور على طرفِي محدوده هُوَ أَن يكون الْمَرْء يسوءه مَا يسوء الآخر ويسره مَا يسره فَمَا سفل عَن هَذَا فَلَيْسَ صديقا وَمن حمل هَذِه الصّفة فَهُوَ صديق وَقد يكون الْمَرْء صديقا لمن لَيْسَ صديقه وَأما الَّذِي يدْخل فِي بَاب الْإِضَافَة فَهُوَ المصادق فَهَذَا يَقْتَضِي فعلا من فاعلين إِذْ قد يحب الْإِنْسَان من يبغضه وَأكْثر ذَلِك فِي الْآبَاء مَعَ الْأَبْنَاء وَفِي الْإِخْوَة مَعَ إِخْوَتهم وَبَين الْأزْوَاج وفيمن صَارَت محبته عشقا وَلَيْسَ كل صديق ناصحا لَكِن كل نَاصح صديق فِيمَا نصح فِيهِ وحد النَّصِيحَة هُوَ أَن يسوء الْمَرْء مَا ضرّ الآخر سَاءَ ذَلِك الآخر أَو لم يسؤه وَأَن يسره مَا نَفعه سر الآخر أَو سَاءَهُ فَهَذَا شَرط فِي النَّصِيحَة زَائِد على شُرُوط الصداقة وأقصى غايات الصداقة الَّتِي لَا مزِيد عَلَيْهَا من شاركك بِنَفسِهِ وبماله
1 / 42