غير شَاكر لَهُ لكني ألومه على ذَلِك أَشد اللوم وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق وذمني أَيْضا بعض من تعسف الْأُمُور دون تَحْقِيق بِأَنِّي أضيع مَالِي وَهَذِه جملَة بَيَانهَا أَنِّي لَا أضيع مِنْهُ إِلَّا مَا كَانَ فِي حفظه نقص ديني أَو إخلاق عرضي أَو إتعاب نَفسِي فَإِنِّي أرى الَّذِي أحفظ من هَذِه الثَّلَاثَة وَإِن قل أجل فِي الْعِوَض مِمَّا يضيع من مَالِي وَلَو أَنه كل مَا ذرت عَلَيْهِ الشَّمْس وَوجدت أفضل نعم الله تَعَالَى على الْمَرْء أَن يطبعه على الْعدْل وحبه وعَلى الْحق وإيثاره فَمَا استعنت على قمع هَذِه الطوالع الْفَاسِدَة وعَلى كل خير فِي الدّين وَالدُّنْيَا إِلَّا بِمَا فِي قوتي من ذَلِك وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه تَعَالَى وَأما من طبع على الْجور واستسهاله وعَلى الظُّلم واستخفافه فلييأس من يصلح أَن نَفسه أَو يقوم طباعه أبدا وليعلم أَنه لَا يفلح فِي دين وَلَا فِي خلق مَحْمُود وَأما الزهو والحسد وَالْكذب والخيانة فَلم أعرفهَا بطبعي قطّ وكأنني لَا حمد لي فِي تَركهَا لمنافرة جبلتي إِيَّاهَا وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين من عيب حب الذّكر أَنه يحبط الْأَعْمَال إِذا أحب عاملها أَن يذكر بهَا فكاد يكون شركا لِأَنَّهُ يعْمل لغير الله تَعَالَى وَهُوَ يطمس الْفَضَائِل لِأَن صَاحبه لَا يكَاد يفعل الْخَيْر حبا للخير لَكِن ليذكر بِهِ أبلغ فِي ذمك من مدحك بِمَا لَيْسَ فِيك لِأَنَّهُ نبه على نقصك
1 / 38