علم التوحيد
وأما التوحيد فهو عند الغزالي وقف في جوهره على علماء المكاشفة.
وما هو علم المكاشفة؟
هو علم لا نعرفه، ولكن يقال إن سوء الخاتمة معد لمن ليس له منه نصيب!!
ويقال إن أدنى نصيب من هذا العلم هو التصديق به، وتسليمه لأهله! ويقال كذلك إن أقل عقوبة من ينكره ألا يذوق منه شيئا!
وما هي غاية هذا العلم؟
غايته أن تحصل المعرفة الحقيقية بذات الله وبصفاته الباقيات التامات!
وأنا لا أدري سبب هذه الشهوة الغريبة التي تحمل علماء الدين على البحث عن ذات الله وصفاته، ولا أعلم كيف عميت قلوبهم حتى اندفعوا يذكرون عن ذات الله وصفاته ما يجب أن يتورع عنه المؤمنون!
يطمع الغزالي في معرفة ذات الله معرفة حقيقية، وهذا والله عين الجهل، ونفس الضلال! ويطمع كذلك في معرفة صفاته التامات، وهو الذي بلغ به الأدب مع الأشاعرة والمعتزلة إلى الاختلاف في صفات الله، وفي كلامه، وفي أفعاله، وفي رؤيته بالأبصار يوم القيامة إلى غير ذلك من المباحث التي لا يقدم عليها غير عمي القلوب!
والظاهر أن الغزالي ومن على شاكلته لم يشهدوا المعركة القائمة بين الهدى والضلال، ولم يروا يوما واحدا كيف تتصاول العقول؛ فإن البحث عن ذات الله وصفاته حمق وسفه، وإنما سبيل المؤمنين أن يتأملوا ما يحيط بهم من جلال الوجود، وأن يبحثوا في المراد من أن الله سخر لهم ما في الأرض جميعا، فإنه ليس للعاقل أن يترك الانتفاع بما تلمس يده، وترى عينه، ليغيب في مجاهل من الظنون، يسميها سفها علم التوحيد.
صفحه نامشخص