فما أمر خيبتك يا جبران! لقد طوفت في الآفاق ثم عدت ونمت حيث نام «خليل الكافر» و«يوحنا المجنون»: في الدير. فنم يا صاحب «ابن الإنسان» مستريحا. نم مكفنا بضباب البخور، وثق أنك لن تعود إلينا فنخجل منك؛ لأن امرأة أخرى لن تلدك (النبي ص119).
إنك نائم في لبناننا لا في «لبنانك» والذين أبغضتهم في حياتك هم، وحدهم، ينتصبون حول تابوتك في ذلك الكهف، كل عام، يتضرعون إلى ابن الإنسان - بالسريانية - صارخين، قائلين ما معناه: ونيح عبدك يا ابن الله ... إلخ.
أما أخوك فرح ويكن، فما علمت، لم ينعما حتى بضريح؛ لأنهما عاشا تحت سماء لا تمطر صواعقها إلا نوابغها، اللهم الذين لم يلبسوا أطمارها.
فسلام على نوابغ العرب من زهور لبنان وصخوره، ورحمات الله، عد الحصى والتراب، على ولي الدين والأدب!
أسمعت يا شيخ عبد العزيز؟
لقد صدق أشعيا القائل: خجل لبنان وذوي.
29 / 11 / 1934
إلى الراسبين في الامتحان
قال المثل اللبناني: «في تموز تغلي المياه في الكوز»، فلا بأس علينا إذا قلنا نحن: «في تموز المنحوس تفور الدماء في الرءوس»، ولكن ليس في كل رأس، بل في رأس من يرسبون في الامتحانات. فهذا فتى يهدد بالانتحار، وهذه فتاة تتجرع صبغة اليود، أو تزدرد كمية من أقراص الكاردينال، وذاك شاب يتهدد ويتوعد، ويسن السكين ليقضي بها على من يعتقد أنه سبب له الرسوب وعوقه من الخوض في معترك الحياة.
إن الشهادة هي عروس أحلام فتياننا. فأعجب لورقة فيها هذا الفتون الذي يدفع إلى الجنون.
صفحه نامشخص