واستمر عند الباشا في العذاب الشديد، والنكال الأبيد إلى أن بلغ من الزيارة غاية الوطر ثم الوطر، ثم اقتعد خارج السفر، متوجها بذلك الغمام الركام، وأصحبه معه إلى البيت الحرام، وقبل وصوله إلى البيت الشريف بالسرور، وصل إليه بريد من الشريف سرور، بأنك سلمه إلينا، وإلا فلا طريق لك علينا، فسلمه إليه، ورجع عما عزم عليه، وجلس إلى أن عضى حجه، وعجه وشجه، وتمت منادمة أنسه، آب قاصدا مدينة قدسه، ووصل بعد الإقامة مصحوبا بالسلامة، وبعد أن صلحت البلاد، واطمأنت العباد من الفساد، ونادى منادي الحبور حي على اصطباح كامات السرور، وانساب سبسب شآبيب الراحة خلال الدور، وأنوأت قزع الراحة فهزمت حالك ظلام الديجور، وغنت الورق بأنواع الألحان على أغصان البان، ترنم بصوته الرخيم محبنا الصديق الحميم، المرحوم الشيخ أحمد الجامى الفاضل السامى وهناها بقدوم تاج الدين إلى محمد باشا بالفرامين، فيالها من فرحة لو تمت وواها لمصائبها التي في المآل عمت فإنا وإنا 79...إليه راجعون " إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون" (1)
يهينك يا بلدة المختار من مضر قدوم تاج العلا بالنصر والظفر
ونظم أحوالك في ناديك قد انتشرت عقود سيرتها في سائر القطر
ونفى ما حل في ناديك من خبث لحيث ألقت كما قد جاء في الخبر
حتى غدوا عبرة بين الحجيج كما تفرق أيدى سبا من أعظم العبر
وأصبحوا لا ترى إلا مساكنهم ينوح فيها غراب البين بالكدر
هذا جزاؤهم بالنص حيث بغوا وحربوا الله والمبعوث بالسور
أليس قد أصبحت دارا لهجرتها وهبط الوحى مأوى العلم والنظر
فقل لمن خسر الدنيا وضرتها في حربها أين أنت اليوم فاعتبر
أين الركوب الذي يقضى بأنك أن في طيبة دمت لا تبقى ولا تذر
فالبعض تصلبهم والبعض تقتلهم والبعض قصدك نففيا لو إلى سقر
ولم تراع لأهل العلم مرتبة ولا لمتشح بالفضل متزر
حتى ركبت ذلول الذل وانتهكت أستار حزبك بين البدو والحضر
أما سمعت أحاديث الوعيد أما قد خرقت لك آذانا بمزدجر
كمن أراد بسوء أهل كاظمة أذابه الله ذوب الملح في النهر
هذا وما كانت الأقدار مسعفة فكيف لو أسعفت بالقصد والوطر
لكنت تمرق من ذإليه مرق سها م القوس في الخلق من مثر مفتقر
وحيث عاثت لك الآمال خائبة فاثبت لقهر رجال الوقت واصطبر
واعرف نتيجة خفار الذمام ومن رمى به الأمل الخوان في الخطر
ولم يبال بحامى الملك حافظة ظل الآله عظيم القدر والقدر
مقلد المنن العظمى نحور بلا د المصطفى عونها بالتبر والبتر
طوق الخلافة سلطان البسيطة من هابته أسد الشرى فضلا عن البشر
عبد الحميد أدام الله دولته وصانها من صروف الدهر
صفحه ۷۹