ولما طال بالناس الحال، واتسع بالبأس المجال، وطارت بهذه الفتنة قطا الأخبار، ورسبت في أساس ذرا شوامخ الأقطار، وثاها الظاعن المقيم، قطا بهجة حسنها المروى بماء التسنيم، أرسل الشريف سرور السيد حسين العلوي من طرفه لهذه الشرور فوصل إلى المدينة لخمس بقين من شعبان وعقد بينهم الهدنة إلى 77...مجيئ الحاج الشامي ويحصل الكفوف والكاف، فلا احد يتعدى على أحد بنوع خلاف، فتموا على هذا الأمر وانشرح بذلك الصدر وسرت فيهم نسائم المرارواحة، وانعقدت بينهم التولية والمرابحة، تعد أن دامت فيما بينهم المبارزة والإنتقام، وتزلزلت بالمنازلة أقدامهم والأجسامن أربعة أشهر وثمانية أيام ففتحت المساجد، وقام لله العابد، فلا ترى في مسجده الشريف بعد تلك الفسوق غير راكع وساجد، أو قانت أو عابد، أو عاشق لجمال الله واجد، وكان من خير الأفندى تاج الجين إلياس أنه لما توجه إلىالدولة العلية بالعروض السلطانية، أتت على ما فيها من عزل القمقمجي وتعزيره، ودحض شوايخه وتبذيره، وتمزيق صحبة ولايته وتقريره، وحمله إلى الدولة وتسفيره، فورد بهم على والي الشام، محمد باشا العظيم الهمام، وأتيا معا صحبة الحاج، إلى أن قطعوا في السير المهامة والفجاج، ووصلوا الجرف ونزلوا به على حسب العرف فطلع إليهم عساكر المدينة ومن جملتهم أحمد مكي مع أغائه بكامل الزينة، ولم يطلع القمقجي وكأنه أ, جس في نفسه خيفة، فلما لم يره الباشا سئل عنه عسيفه، فتعذر له عنه، فلم يكن مقبولا منه، وأوهمه أنه مشتاق لرؤياه، وأظهر الحقد على ابن المكي لما رآه وقال: إ، ا نفينا هذا لما عاداه، ونصبنا ذاك وآويناه، وبجانبنا البعاد، وعدم التودد والترداد، وأ، ا عضده ووزيره، وعصمته ونصيره، فلأفعلن بابن المكي من النكال زيادة على الأول القيود والأغلال، وال يكون ذلك إلا بحضرة المشار إليه، ليكمل له السرور بزيادة الوبال عليه، وحرض على مجيئه غاية التحريض، بتصريح القول التعريض، فنزل إليه من يعتمد عليه، وأشرفه على ذلك الأمر، فطلع وعمر، وفي الحقيقة انه بخبايا الأمور غمر، ولما وصل إليه، وتمثل واقفا بين يديه قال له: قد أبطأت علينا ولم تصل سريعا كعادتك إلينا، ونحن في انتظارك مدة خروجنا من الشام إلى نهارك، فتعذر له بعذر باطل ليس تحته طائل، فقل عذره، وأظهر له غدره ثم أخرج الفرمان السلطاني، وقرأ على رءوس الأشهاد ما بين قاص وجاني، فكان مضمونه التعذير، والعزل والتسفير، والوبال لبعض جماعته والنكال، بما يقتضيه الحال، ولما تمت قراءته بين الحاضرين، ,أخذته رامقة أبصار الناظرين أخذته الرعشة والدهش، وتمنى أن لو حمل على النعش، وتيقن أن ليس له ناصر...
صفحه ۷۷