تسلّط الدولة في وجه الأخطار المحدقة بالجماعة الإسلامية ودعوتها، والمتمثلة في «الزنادقة»، بما يمثله هذا من فهم جديد لمبدأ «تغيير المنكر» الذي التقت عليه الزيدية والمعتزلة. كما أخذ الحسينيون الملتفّون حول إمامة جعفر الصادق والقائلون بالنص وإمامة النسق يعيدون تكتل الحركات الشيعية حول أئمتهم.
رغم هذه الارتكاسات فقد أكمل العلويون دعوتهم السريّة وعملوا على إعادة تنظيم صفوفهم وبثّ دعوتهم في بلدان الخلافة.
وكان زيد بن علي قد بث الدعاة في الأقطار [١] للدعوة «إلى الرضا من آل محمد» [٢]، وقد تابع بعده محمد النفس الزكيّة الدعوة لنفسه إثر اجتماع الأبواء [٣]، وعن ابن دأب [٤] «لم يزل محمد بن عبد الله منذ كان صبيا يتوارى ويراسل الناس بالدعوة إلى نفسه ويسمّى بالمهدي» [٥]، وقد عجّل بالخروج قبل أن يتم أمر دعاته الذين أنفذهم إلى الآفاق [٦]. وتسعفنا المصادر في تتبّع أسماء بعض دعاته:
-فقد استعمل القاسم بن اسحاق بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب على اليمن، وأخاه موسى بن عبد الله بن الحسن على الشام، يدعوان إليه
_________
[١] مقاتل الطالبيين ١٤٨ - ١٤٥ (ط ٢.١٤٠ - ١٤٢)؛ محمد عمارة، تيّارات الفكر الاسلامي ١٠٨ - ١٠٩.
[٢] نصرة مذاهب الزيديّة (منسوب للصاحب بن عبّاد) ٢٣٦ - ٢٣٨.
[٣] انظر ما مرّ ص ٢٨، ح ١.
[٤] عيسى بن يزيد بن دأب (-١٧١/ ٧٨٧)، حجازي راوية للأخبار والأنساب وكان مقرّبا من الهادي، وقيل إنّه كان يتشيّع ويضع أخبارا لبني هاشم، وقد ذكر أنّه أنشد عيسى بن موسى بعد موقعة فخ شعرا ليزيد بن معاوية. معجم الأدباء ٥/ ٢١٤٤ - ٢١٥٠، رقم ٨٨٥.
[٥] مقاتل الطالبيين ٢٣٩ - ٢٤٠ (ط ٢.٢١٢).
[٦] مقاتل الطالبيين ٢٦٠ (ط ٢.٢٢٩)، هذا ويروى عن النفس الزكيّة قوله في خطبته في أهل المدينة حين خرج: «والله ما مصر يعبد الله فيه إلا وقد أخذت دعاتي فيه بيعة أهله. .» العيون والحدائق ٣/ ٢٣٨؛ وقارن بالحدائق الوردية ١/ ١٦٣، س ٢ - ٣؛ وانظر أنساب الأشراف ٣ (محمودي) ١١٠،١١٣.
1 / 37