[تقليد الإمارة على الجهاد] فأما الإمارة على الجهاد فهي مختصة بِقِتَالِ الْمُشْرِكِينَ. وَهِيَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ مَقْصُورَةً عَلَى سِيَاسَةِ الْجَيْشِ، وَتَدْبِيرِ الْحَرْبِ، فيعتبر فيها شروط الإمارة الخاصة. والثاني: أَنْ يُفَوَّضَ إلَى الْأَمِيرِ فِيهَا جَمِيعُ أَحْكَامِهَا: مِنْ قَسْمِ الْغَنَائِمِ، وَعَقْدِ الصُّلْحِ، فَيُعْتَبَرُ فِيهَا شروط الإمارة العامة، وهي أكثر الولايات الخاصة أحكامًا، وأوفرها فصولًا. وَحُكْمُهَا إذَا خُصَّتْ دَاخِلٌ فِي حُكْمِهَا إذَا عمت.
وَاَلَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ الْأَحْكَامِ إذَا عَمَّتْ ستة: الأول: في تسيير الجيش، وعليه في ذلك سَبْعَةُ حُقُوقٍ: أَحَدُهَا: الرِّفْقُ بِهِمْ فِي السَّيْرِ الذي يقدر عليه أضعفهم، ويحفظ بِهِ قُوَّةُ أَقْوَاهُمْ، وَلَا يَجِدَّ السَّيْرَ، فَيَهْلَكْ الضعيف. الثاني: أن يتفقد خيلهم التي يجاهدون عليها، فلا يدخل في خيل الجهاد كبيرًا أو صغيرًا ولا أعجب هزيلًا، لأنه ربما كان ضعفها وهنا. وقد قال تَعَالَى (٨: ٦٠ - وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ومن رباط الخيل) ويمنع من حمل زائد على طاقتها. الثالث: أَنْ يُرَاعِيَ مَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُقَاتِلَةِ. وَهُمْ صنفان: مسترزقة، ومتطوعة. أما الْمُسْتَرْزِقَةُ فَهُمْ أَصْحَابُ الدِّيوَانِ، مِنْ أَهْلِ الْفَيْءِ، فيفرض لهم العطاء من بيت المال بحسب الغناء وَالْحَاجَةِ. وَأَمَّا الْمُتَطَوِّعَةُ، فَهُمْ الْخَارِجُونَ عَنْ الدِّيوَانِ من البوادي وَسُكَّانِ الْقُرَى وَالْأَمْصَارِ، الَّذِينَ خَرَجُوا فِي النَّفِيرِ، اتباعا لقوله تعالى (٩: ٤١ - انفروا خفافًا وثقالًا وجاهدوا في بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله) . وقد قيل في تأويل قوله تعالى " خفافًا وثقالًا ". أربعة أوجه: أَحَدُهَا: شُبَّانًا وَشُيُوخًا، قَالَهُ الْحَسَنُ وَعِكْرِمَةُ. وَالثَّانِي: أَغْنِيَاءَ وَفُقَرَاءَ، قَالَهُ أَبُو صَالِحٍ. وَالثَّالِثُ: رُكْبَانًا ومشاة، قاله أبو عمرو. الرابع: ذَا عِيَالٍ، وَغَيْرِ ذِي عِيَالٍ، قَالَهُ الْفَرَّاءُ. وقد قيل: إن هؤلاء يعطون من الصدقات ولا يعطون من الفيء، من سهم سبيل الله المذكور في آية الصدقات ولا يعطون مِنْ الْفَيْءِ، لِأَنَّ حَقَّهُمْ فِي الصَّدَقَاتِ، وَلَا يعطى أهل الفيء
1 / 39