في هذا، أو على أن الملائكة تسمى جنًا لاستتارها، قال تعالى: ﴿وجعلةا بينه وبين الجنة نسبًا﴾ [الصافات: ١٥٨] فإن قلتم: إنه قد كان مؤمنًا فما معنى قوله تعالى: ﴿وكان من الكافرين﴾ [البقرة: ٣٤]؟ فالجواب أنه اختلف فيه فقيل: معناه من العاصين، وفي هذا نظر، وقيل: معناه وصار من الكافرين.
قال ابن فورك: هذا خطأ ترده الأصول. وقيل: معناه أنه كان في علم الله أنه سيكفر، وقيل: قد كان تقدم من الجن كفر فشبهه الله تعالى بهم، وجعله منهم لما فعله من الكفر فعلهم واختلف هل كفر إبليس جهلًا أو عنادًا على قولين بين أهل السنة، ولا خلاف أنه كان عالمًا بالله تعالى قبل كفره، وقد أنكر كفر العناد قوم من أهل السنة وأجازه قوم وصححوه.
وقوله تعالى: ﴿اسكن أنت وزوجك الجنة﴾ [البقرة: ٣٥] أمر إباحة وكذا قوله تعالى: ﴿وكلا منها﴾.
(٣٥) - قوله تعالى: ﴿ولا تقربا هذه الشجرة﴾ [البقرة: ٣٥]
نهي وليس فيه دليل على أن المراد يحمل على التحريم أو الكراهة، لأنه قد اقترنت به قرينة تدل على أن المراد به التحريم لقوله تعالى: ﴿فتكونا من الظالمين﴾ [البقرة: ٣٥] وقد ذكر القاضي أبو محمد في «تفسيره» أن في الآية ما يدل على أنه على التحريم، وهو وهم، ولا خلاف أن إبليس متولي غواية آدم. واختلف في الكيفية، فقيل: دخل الجنة بعد إخراجه منها وأغواهما مشافهة. وقيل: لم يدخل الجنة إلا آدم بعد أن أخرج منها، وإنما أغوى آدم سلطانه ووسواسه الذي أعطاه إياه كما قال النبي ﷺ: «إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم» وفي هذه الآية ما يبطل قول من
1 / 56