وفجأة قلب صبحي بك حسان النقاش من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية التي يتقنها، وأجرى لعبد الشكور امتحانا عسيرا في إجادة اللغة الإنجليزية انتهى منه بأن قال له بالعربية: إن كنت تجيد الألمانية إجادتك للإنجليزية فإنك عملة نادرة. - أستطيع مؤقتا أن أقول لسيادتك إنني تعلمتها عن ألمان، أما كيف كان ذلك فأرجو أن تتركه سعادتك للأيام. - أظن أن من حقك الآن أن تتكلم عن الأيام الآتية. - إذن ... - لقد عينتك، وسأعرف خبرتك في القطن من الممارسة. - أتسمح لي بشيء، على شرط ألا تتمنع. - ماذا تريد أن تقول؟ - إنه ليس قولا، بل إنه عمل.
وقفز عبد الشكور فجأة من كرسيه واختطف يد صبحي وقبلها؛ الأمر الذي تم في لحظات وامضة لم تعط أي فرصة لصبحي أن يتأبى أو يمنع موظفه الجديد عما صنعه.
الفصل الرابع
تمكن الهاربان الألمانيان من الحصول على أوراق تسمح لهما بالعودة إلى ألمانيا، وطلب إليهما عبد الشكور أن يكتبا له عن عنوانيهما بمجرد وصولهما إليها.
ولم يكن أحد منهما يعرف أين سيستقر به المقام، كما كانا يجهلان ما بقي من أسرتيهما على قيد الحياة، فقال مارك لعبد الشكور: سأكتب إليك بمجرد وصولي إلى الأرض الألمانية.
ثم التفت إلى هوفمان قائلا: وأنت يا هوفمان ألا تنوي أن تفعل ذلك. - بالطبع، ولكن هل تنوي يا عبد الشكور البقاء في هذا البيت بعد أن أصبحت صاحب وظيفة. - المؤكد أنني سأنتظر أخباركما هنا حتى أعرف العناوين التي أراسلكما عليها.
وقال هوفمان: إننا سنطلعك الآن على سرنا الذي أخفيناه عليك طوال هذه السنوات. - ألكما سر؟ - كلانا مهندس متخرج في أعظم كلية في ألمانيا كلها، فلا تعجب إذا جاءك منا أخبار تفيد أننا نعمل في وظائف غاية في الأهمية.
وأكمل مارك: بالطبع ألمانيا اليوم تحتاج أكثر ما تحتاج إلى المهندسين بعد أن سحقت الحرب مدنها. - هل تعلمان إن كانت أسرتيكما في ألمانيا الشرقية أم الغربية؟
وقال مارك: الأمر الذي لا شك فيه أن أسرتينا في ألمانيا الغربية، وسنزداد وثوقا من هذا حين نصل إلى هناك. - هل أنتما متزوجان؟ - كان لكل منا فتاة لا شك أنها تزوجت الآن.
وأكمل مارك: أنت تعلم طبعا أن أخبار أهلنا في ألمانيا الآن خافية عنا تماما، وسنكتب لك بالتفصيل عند عودتنا. - لم يخبرني أحدكما عمن ترك من أقارب هناك.
صفحه نامشخص