موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين
موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين
ژانرها
لما ذكر الله تعالى أهل الفسوق والكفر، وما أعد لهم من العقاب الشديد الخالد، أتبع ذلك بذكر أهل الإيمان والتقوى، وما تفضل به عليهم # من الخلود في دار النعيم، فقال تعالى: {والذين آمنوا}، وهذا يتناول المؤمنين من أمة الإسلام، ومن كانوا على إيمان صحيح بما جاءتهم به رسلهم قبل البعثة المحمدية. والمعنى: أن من جمعوا بين الإيمان الصادق، والأعمال الصالحة، هم أصحاب الجنة الحقيقون بالخلود فيها. وهذا الوعد لا يتوجه إلى الذين آمنوا بقلويهم، وأقروا بألسنتهم، ولم يحافظوا على امتثال ما أمروا به، أو اجتناب ما نهوا عنه، فمصير هؤلاء إلى الجنة، وخلودهم فيها بعد جزائهم على ما ارتكبوا من عصيان، أو بعد عفو الله عنهم، يؤخذ من نصوص وأدلة أخرى، والنصوص التي قامت على أبدية الجنة أكثر من النصوص التي تدل على أبدية النار، ولم يخالف في أبدية الجنة عالم بحق. والمعروف بين علماء الإسلام: أن الخلود في النار متأبد، وأنها كدار النعيم لا يلحقها فناء. وقد تحدث عن هذه المسألة ابن تيمية، وبسط ابن القيم الحديث عنها في كتابه "حادي الأرواح".
{وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله}:
وردت هذه الآية مناسبة للآيات السابقة في توبيخ بني إسرائيل على مساوئ ارتكبوها، فقال تعالى: {وإذ أخذنا}. والميثاق: العهد، وعهد الله: ما يوصي به في بعض كتبه، أو على لسان رسول من رسله، فميثاق بني إسرائيل: ما أخذ عليهم في التوراة، أو على لسان موسى وغيره من أنبيائهم - عليهم السلام -، والمأخوذ عليهم: ما ذكر مفصلا في الآية من قوله: {لا تعبدون إلا الله} إلى قوله: {ثم توليتم إلا قليلا منكم}.
{لا تعبدون إلا الله}:
عبادة الله: الإيمان به وبرسله، والعمل بما أنزل في كتبه. وقال:
صفحه ۱۴۸