موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين
موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين
ژانرها
{بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون}:
هذا إبطال لقول اليهود: {لن تمسنا النار إلا أياما معدودة}. و {بلى} حرف جواب؛ كنعم، إلا أنها تجيء لإثبات فعل ورد قبلها منفيا، وهو في الآية قول اليهود: لن تمسنا النار إلا أياما معدودة، فهي لإثبات أن النار تمسهم أكثر من أيام معدودة. وقال: {بلى من كسب سيئة}، فكان إبطالا لقولهم على وجه يشملهم وسائر من يعمل عملهم ويكفر كفرهم. والكسب: جلب النفع، ويستعمل في جلب الضرر؛ كما ورد في هذه الآية. والسيئة: الذنب صغيرا أو كبيرا، وحيث كانت أفعال اليهود المحكية عنهم انفا من قبيل الكبائر، صح حمل السيئة هنا على الفاحشة الموجبة للنار. والإحاطة: الاستيلاء، والأخذ بالشيء من جميع جهاته.
والخطيئة: السيئة، وإنما تحيط بصاحبها إذا أخذت القلب، فحرم من الإيمان، وأخذت اللسان، فحرم من الإقرار به. فالآية تدل على أن الخطيئة الموجبة للخلود هي المحيطة بصاحبها، وهذه الإحاطة إنما تتحقق بالكفر، وصحبة الشيء للشيء تدل في أصل اللغة على بقائه معه قليلا أو كثيرا، وقد جرى العرف باستعمالها في معنى الملازمة، فإضافة الأصحاب إلى النار تنبئ بملازمتهم لها.
{والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون}:
صفحه ۱۴۷