110

موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

پژوهشگر

علي الرضا الحسيني

ناشر

دار النوادر

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

۱۴۳۱ ه.ق

محل انتشار

سوريا

ژانرها

الذين يتقون الله حق تقاته قد يأخذهم شيء من الحزن في الدنيا، وأوضح شاهد على هذا: قول النبي ﷺ عند احتضار ابنه إبراهيم- ﵇: "إن العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما برضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون"، وقول يعقوب ﵇ فيما قصة الله في القرآن: ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ﴾ [يوسف: ٨٦]،
ونفي الخوف والحزن عن المهتدين يوم القيامة كناية عن سلامتهم من العذاب، وفوزهم بالنعيم الخالد في الجنة، فتتم المقابلة بين جزاء المهتدين وجزاء الكافرين المشار إليه بقوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾.
﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾:
هذا معطوف على قوله: ﴿فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ﴾، واردًا مورد المقابل له في تفصيل من يأتيهم الهدى من الله، ومقتضى وقوعه مقابلًا له أن يقال: والذين لم يتبعوا هداي أولئك ... إلخ، ولكنه عدل عن ذلك إلى قوله: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا﴾؛ لأن من لم يتبع هدى الله يشمل من لم تبلغه الدعوة، وغير المكلفين من نحو الصبيان وفاقدي العقل، وهؤلاء ليسوا من أصحاب النار. فظهر أن قوله: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا﴾ جيء به على قدر من يستحقون الحكم عليهم بأنهم من أصحاب النار، والمجازاة بالعذاب الخالد الأليم.
والآيات: جمع آية، وهي في الأصل: العلامة، وتستعمل في الطائفة من الكتاب المنزل، وفيما يستدل به على وجود الله تعالى وتوحيده، من نحو: بداح مصنوعاته، ومظاهر عنايته بالإنسان.

1 / 76