صاحبه بهتًا وبهتانًا، وهو أن يكذب عليه الكذب الذي يبهت من شدة نكره، ويتحر فيه، فيبقى مبهوتا منقطعا ومعناه هاهنا قذف المحصنات والمحصنين، وهو من جملة الكبائر التي قرنه بذكرها، وقد يدخل في ذلك الكذب على الناس، والاغتياب لهم ورميهم بالعضاية [بالعضائه] والعظائم وكل ما يلحق بهم العار والفضيحة، وموضع الإشكال في ذلك ذكر الأيدي والأرجل فيقال: ما معنى ذكرها وليس لها صنع فيما وقع عنه النهي من البهت؟
وتأويل ذلك على وجهين: أحدهما أن معظم أفعال الناس إنما تضاف منهم إلى الأيدي والأرجل، إذ كانت هي العوامل والحوامل، فإذا كانت المباشرة لها باليد، والسعي إليها بالرجل، (أضيفت) الجنايات إلى هذين العضوين، وإن كان يشاركها سائر الأعضاء فيها، أو كانت تختص بها دونها، ولذلك يقول الرجل إذا أولاه صاحبه معروفا من قول أو بلاغ في حاجة ونحوها: صنع فلان عندي يدا، وله عندي يد، ويسمون الصنائع الأيادي، وليس لليد نفسها في شيء منها صنع، وقد يعاقب الرجل بجناية يجنيها قولا بلسانه فيقال له: هذا بما كسبته يدك، واليد لا فعل لها هاهنا. ومن هذا قوله تعالى: ﴿ذلك بما قدمت يداك وأن الله ليس
1 / 151