فإن قيل: إذا كان الإيمانُ عندكم على ما رويتموه من العدد بضعا وستين أو سبعين شعبة أو بابا، فهل يمكنكم أن تسموها بأسمائها بابا بابا، كما حصرتموها عددا وحسابا؟ أرأيتم إن لم يمكنكم ذلك وعجزتم عن تفصيلها شيئا شيئا، هل يصح إيمانكم بما هو مجهول عندكم غير معلوم لكم؟
قيل: إن إيماننا بحق ما كلفناه من ذلك صحيح، والعلم به حاصل، والجهل معه مرفوع، وذلك من وجهين: أحدهما أنه قد نص على أعلى الإيمان وأدناها [؟] باسم أعلى الطاعات وأدناها، وهو في خبر سهيل بن أبي صالح، فدخل في ذلك جميع ما يقع بينهما، من جنس الطاعات كلها، وجنس الطاعات معلوم غير مجهول. والوجه الآخر: أنه لم يؤخذ علينا معرفة هذه الأسماء بخواص أسمائها حتى يلزمنا ذكرها وتسميتها في عقد الإيمان وإنما كلفنا التصديق بجملتها، والاجتهاد في الإتيان بها بما أمكن منها، كما كلفنا الإيمان بأنبياء الله وملائكته وكتبه ورسله، وإن كنا لا نثبت أسماء أكثر الملائكة وأسماء كثير من الأنبياء، صلوات الله عليهم أجمعين.
ثم إن ذلك غير قادح فيما أتينا به من أصل الإيمان. وقد روي عن النبي ﷺ فيما يحكي عن ربه ﷿: (أعددت لعبادي
1 / 144