وأما ماء العسل فإنه إذا شرب في جميع أوقات المرض في الأمراض الحادة كانت موافقته في أكثر الأمر لأصحاب المرار المر ولمن أحشاءه عظيمة أقل من موافقته لمن لم يكن كذلك وماء العسل في أكثر الأمر أقل تهييجا للعطش من الشراب الحلو وذلك أنه يلين الرئة ويعين على نفث ما يحتاج إلى نفثه بالبزاق معونة معتدلة ويسكن السعال والسبب في ذلك أن فيه بعض الغسل وهذا الغسل يلزج البزاق بأكثر مما ينبغي وماء العسل أيضا يدر البول إدرارا شديدا إلا أن يمنع من ذلك بعض الأحشاء ويسهل أيضا الأخلاط التي من جنس المرار من أسفل وربما كان ما يسهله منها حسنا وربما كان مشبعا بأكثر مما ينبغي وأكثر زبدا وأكثر ما يعرض هذا في أصحاب المرار ومن كانت أحشاءه عظيمة.
فنفث ما ينفث بالبزاق ولين الرئة يكون خاصة عن شرب ماء العسل الممزوج فضل مزاج وأما انحدار البراز الزبدي والذي الغالب عليه المرار الحار فيكون عن شرب ماء العسل الذي مزاجه أشد صروفة أكثر منه من الذي الغالب على مزاجه الماء وما كان من البراز حاله هذه الحال ففيه أيضا مضار آخر عظيمة وذلك أنه لا يبطئ الالتهاب الكائن في المواضع التي دون الشراسيف لكنه يهيجه ويحدث عنه صعوبة احتمال المرض على المريض واضطراب الأعضاء ويحدث قروحا في الأمعاء والمقعدة وأما أصناف العلاج التي يعالج بها هذه الأمراض فأنا واصفه فيما بعد.
صفحه ۳۳