قال أبقراط: وأما الشراب الحلو والخمري والأبيض والأسود وماء العسل والماء والسكنجبين فينبغي أن يكون استعمالك إياها في الأمراض الحادة بعد نظرك في هذه الأشياء أما التي تكون بسبب اللون والرائحة فعلى طريق العرض لأن من الخمور مائي ومنها أبيض ومنها خوصي ومنها أسود ومنها ما لا طعم له بمنزلة الماء ومنها طيب الرائحة بمنزلة الأشياء العطرية الشراب الحلو أقل إثقالا للرأس من الخمري وأقل قرعا للذهن وأكثر استفراغا للأمعاء في بعض الأشياء من الشراب الخمري إلا أنه ينفخ الأحشاء أعني الطحال والكبد وليس يصلح لأصحاب المرار المر وذلك أنه يحدث فيمن هذه حاله عطشا وهو مع هذا أيضا نافخ للأمعاء الفوقانية إلا أنه ليس بضار للأمعاء السفلانية بحسب ما يحدث من النفخ على أن النفخة الحادثة عن الشراب الحلو ليس انحدارها بالسريع لكنها قد تبطئ وتلبث في المواضع التي دون الشراسيف وذلك أن هذا الشراب أقل إدرارا للبول في أكثر الأمر من الشراب الخمري الأبيض والشراب الحلو أعون على نفث ما ينفث بالبزاق من الشراب الآخر ومن أحدث به شرب هذه الخمر عطشا كان ما ينفثه بشربه أقل مما ينفثه بشرب الخمر الآخر وأما من لم يحدث به عطشا فما ينفثه بشربه أكثر مما ينفثه بشرب الخمر الآخر.
وأما الشراب الأبيض الخمري فقد وصفت أعظم الأشياء التي تمدح منه وتذم وأكثرها في قولي في الشراب الحلو ولأن نفوذه إلى المثانة أسرع كثيرا من الشراب الآخر وفيه أيضا تفتيح قد ينتفع به دائما في هذه الأمراض في أشياء أخر وذلك أنه وإن كان في أشياء أخر أقل موافقة من الخمر الآخر إلا أنه على حال إذا كان قد ينقي البدن بطريق المثانة قد يخلص من المرض إذا استعمل على ما ينبغي وما أحسن معرفة هذه الدلائل الدالة على منافع الخمر ومضاره التي لا علم لمن كان أقدم مني بها.
صفحه ۳۱