أجاب: هو ذاك يا سيدي. قال: إذن أيرضيك أن تبيعني إياه بخمسة وعشرين ألف فرنك؟
فاصفر وجهه بعد الاحمرار، وحسب أنه حالم فلم يجب، ولم يقو شارنسون على الوقوف، فجلس على كرسي، وقرص يده كي يتحقق أنه في يقظة.
أما البرنس والمركيز فإنهما ابتسما مما رأياه، وأخذ البرنس محفظته فأخرج منها ورقة وقال: إني سأعطيك حوالة لأمر حاملها بقيمة خمسة وعشرين ألف فرنك على مصرف «هوتنجر وشركائه».
وقد حاول أن يكتب الحوالة ولكن فيلكس كان قد ثاب من ذهوله فقال له: لا تفعل يا سيدي فإن هذا محال.
فذهل البرنس وقال له: كيف تقول إنه محال؟
قال: دون شك، فإني لا أستطيع أن أقبض ثمن التمثال إلا حين تسليمه، ولا سبيل إلى تسليمك إياه الآن.
وكانت باكيتا قد روت للبرنس أمورا كثيرة عن أنفة فيلكس، فتوقع منه هذا الرفض وقال له: أرجو أن تعذرني، فإني لا أرى رأيك .
قال: ولكن ... يا سيدي ... - إني ما أتيت إلى هنا إلا لأني واثق من امتلاك هذا التمثال الذي ستكثر المزاحمة عليه في قاعة المعرض.
وأنا بعتك إياه، ويجب أن تكتفي بكلامي. - إني لا أشك في كلامك، وقد وثقت كل الثقة، فاسمح لي أن أعطيك عربونا. ثم أخذ أوراقا مالية بقيمة خمسة آلاف فرنك فدفعها إليه، ثم قال له: سأمر بك بعد يومين، أتفق معك على النقوش التي سترسمها في منزلي الجديد، فإني مدعو الآن إلى الطعام مع صديقي المركيز، وقد ودعاه وانصرفا. فوقف فيلكس حائرا منذهلا يقول: إني لا أصدق ما كان، وأظنني حالما، فقال له شارنسون: وأنا مثلك فإن مثل هذه السعادة يندر أن تحدث لأمثالنا في اليقظة ... وعند ذلك فتح باب المحترف ودخل منه رجل فقال: لقد بلغت أوج السعادة يا فيلكس، فقد بات الأمراء يزورونك.
وقد قال هذا القول، وبرقت عيناه ببارق من الحسد، واصفرت شفتاه، مما يدل على أن الحسد قد بلغ منه أقصى حدوده، غير أن فيلكس لم ينتبه إلى شيء من ذلك، فقد شغله هذا الهناء الذي هو فيه عن كل ما عداه في الوجود.
صفحه نامشخص