ما انشق حتى جاز فيه موسى
سامح الله أبا الطيب، ما كان أغناه عن هذا الغلو الممقوت، مع قدرته على نظم ما هو أوقع في النفوس، وأخف على الأسماع؛ وأقبح منه قبول ممدوحه له، وإجازته عليه. ولا أدري ما كان عذر المعز في قبوله قول ابن هانئ:
ما شئت لا ما شاءت الأقدار
فاحكم فأنت الواحد القهار
اللهم إلا أن يكون ما نقل عن القوم من دعوى الألوهية في الباطن صحيحا.
وما في سقط الزند دون هذين القولين بمراحل.
وقد رأيت أبا العلاء شدد النكير على ابن هانئ وأضرابه في رسالة الغفران، واستقبح منهم مثل هذا الغلو، فلعله رجع عنه.
وقد عقد الثعالبي فصلا في يتيمته لما أخذ على أبي الطيب، جاء فيه بأشياء ممجوجة. ومع هذا فلم يلهجوا بإكفاره كما فعلوا مع أبي العلاء؛ وذلك لما وقر في النفوس من شهرته بالزندقة، كما ذكرت آنفا، حتى كادوا يلصقون به كل شعر من هذا القبيل. وقد رأيت بعضهم يروي له قول المتنبي:
أغاية الدين أن تحفوا شواربكم
يا أمة ضحكت من جهلها الأمم
صفحه نامشخص