============================================================
وكذلك أسماء المخلوقين وصفاتهم . فكل شيء يعرف باسمه، ويستدل عليه بصفته من شاهد يدرك أو غائب لا يدرك. وربما دعي الشيء باسم لا يعرف اشتقاقه من أي اسم هو، بل يكون مصطلحا عليه، قد خفي على الناس ما أريد به، ولأي شيء سمي بذلك الاسم، كقولك "الفرس" و"الحمار" و"الجمل" و"الحجر" وأشباه ذلك. واسم اشتق من معنى تقدمه، قد فسر العلماء اشتقاقه والمراد فيه ، كقولك "آدم" . قالوا: سمي بذلك، لأنه أخذ من أديم الأرض، و"الإنس"، قالوا: سمي بذلك لظهوره، ويقال: آنست الشيء: إذا أبصرته، و"الجن"، قالوا: سموا [بذلك](1) لاستخفائهم. يقال: اجتن إذا استخفى. واسم هو بمنزلة الصفة كقولك "محمد"، هو مشتق من "الحمد"، و"الحسن" مشتق من "الحسن"، والحمد والحسن مصطلح عليهما.
فعلى هذا كل اسم هو مشتق من غيره، فالأول مصطلح عليه، لا يجوز غير ذلك(2). والمصطلح عليه لا يكون مشتقا من آخر، ولا يعرف معناه إلا الله عزا وجل ومن علمه، لأنه إن كان الأول لا بد أن يكون مشتقا من غيره، فإن ذلك الأول يقتضي اسما قبله ، يكون هو مشتقا منه ، فهذا إلى ما لا نهاية له، وهو غير ممكن.
ومن الأسماء ما يجر(3) معنيين، كقولك "الزكاة"، قالوا: هو من النمو والزيادة. يقال: زكا الزرع إذا نما وطال وزاد. ويكون من الطهارة. قال الله عزا وجل (قد أفلح من زكاها) [الشمس: 9]، أي طهرها. ومنه ما يجر ثلاثة معان وأكثر، كقولك "الدين"، معناه الطاعة. يقال: دان له، إذا أطاعه. ويكون من ال الجزاء، يقال: كما تدين تدان، أي كما تعمل تجازى. ويكون من الحساب، قال اله عز وجل (مالك يوم الدين) [الفاتحة: 4]، قال المفسرون: يوم الحساب.
(1) زيادة لم ترد في الأصول.
(2) اختلف علماء اللغة في الاشتقاق، فقال قسم إن الأسماء كلها مشتقة، وتوسط أخرون بالقول إن بعضها مشتق وبعضها الآخر غير مشتق، بل هو أصل للاشتقاق، ونفى قسم منهم الاشتقاق أصلا . أما المؤلف هنا فيرى أن الأسماء منها ما هو مشتق، ومنها ما هو مصطلح عليه.
والمصطلح عليه لا يكون مشتقا.
(3) في ه: يحوي، وفي م : يجبر
Página 147