لهذا لا يطربني المدح أو الثناء.
ولا تؤلمني قصائد الهجاء.
يهمس لنفسه وهو يتقلب بالأرق: أي غرور وكبرياء، يشبه كبرياء إبليس حين يتحدى إرادة الله.
يتخيلها تنزف الدم بعد أن ينطلق الرصاص في صدرها، بعد أن تخترق الطلقة جدار قلبها، تنفذ إلى روحها، وتصعد روحها إلى السماء حيث تتلقى العقاب، حين تعلو إرادة الله فوق إرادتها، يشعر بالهزيمة أمامها فيستنجد بقوة الله. لا يمكن أن يخذله الله أمام امرأة، أمام أنثى، فما بال هذه الوقحة، المتحدية، المتكبرة، التي تقترف المعاصي الكبيرة كل يوم، تحلل ما حرم الله، تثير الفتنة بين الرجال، تخرج الله من قلوبهم بالرقص والغناء والشعر والموسيقي؟ يركبها شيطان الفن من قمة رأسها حتى بطن قدميها، سوف تنزف هذه المرأة الدماء حتى آخر قطرة، سوف تنال عذاب القبر قبل عذاب الآخرة، سوف تعلق من شعرها في القبر، في جهنم تعلق من عنقها ليكتوي نصفها الأسفل بنار الجحيم، ثم يحترق نصفها الأعلى والعينان والمقلتان، المقلتان اللتان تعذبانه ليل نهار.
يسبح به خياله في الظلمة، ينتفض جسده باللذة وهو يراها تتعذب، تنتشي روحه وهو يرى دمها يسيح على الأرض، كما كان ينتشي إله التوراة بالدم السائل من غرلة الذكر المبتور بالسكين. يهدأ قلبه ويستكين لمشاهد القتل والعنف، كان أحمد الدامهيري يصطاد العصافير بالنبلة وهو طفل، تسقط العصفورة، تنزف الدماء، تبرق عيناه بالسعادة، يجري نحوها يمسكها بأصابعه القصيرة البضة، يفصل رأسها عن عنقها، يمزق أوصالها، يبعثر أشلاءها في الهواء، يتأمل ريشها الناعم الصغير بتطاير، يطير يطير في الأفق، حتى يختفي من الوجود.
منذ الطفولة دربه أبوه على العنف، ليصبح رجلا مكتمل الرجولة. أمه مثل أبيه، كانت تقول له: أنت رجل من صلب أبيك، وجدك، وجد جدك.
ترمقه أمه بزهو، تحمد الله أن جعلها تلد الذكر ، ليس الذكر كالأنثى كما قال الله في كتابه الكريم، للرجال على النساء درجة، الرجال قوامون على النساء بما أنفقوا من أموالهم، وبما فضل الله بعضهم على بعض، الله يفضل الرجل على المرأة. هذه حكمته وإرادته؛ لأن المرأة ناقصة عقل ودين، مخلوقة من ضلع عوجاء، إن حاولت إصلاحها انكسرت، ضلع معوجة غير قابلة للإصلاح، نقصان في الطبيعة غير قابل للعلاج.
نالت أمه جائزة الأم المثالية في عيد الأم، كلما أحست المرأة بنقصانها زاد إيمانها بالله، وفازت بجائزة الدولة. كلما انتشي الرجل وتلذذ برائحة الدم أصبح مثل الإله في التوراة، إن تشمم رائحة الدم المراق أزال عنه الغضب، لا يروق مزاجه إلا برؤية قطعة اللحم يستأصلها السكين أو الموسى، وإن كانت غرلة صغيرة تتدلى أسفل بطن الذكر الذي عمره ثمانية أيام. أقام الله عهده مع بني إسرائيل، أن يقطعوا بالموسى الغرلة من فوق رأس القضيب، مقابل أرض الله الموعودة، أرض كنعان وفلسطين. ما إن رأت أم موسى الغضب في عيني الله حتى أمسكت الموسى وأراقت الدم. هدأ الإله انبسطت أساريره، مثلما تنبسط أساريره حين تسري إلى أنفه رائحة اللحم المشوي من فوق المحرقة.
يغمض أحمد الدامهيري جفونه محلقا في الخيال، فاتحا منخريه لرائحة الشواء، كأنما هو مندوب الله فوق الأرض. قلبه عامر بالإيمان والولاء لأوامر الله، كما جاءت في كتبه السماوية الثلاثة: وقال الرب لموسى: عندما تذهب لترجع إلى مصر، انظر جميع العجائب التي جعلتها في يدك وضعها قدام فرعون. وحدث في الطريق في المنزل أن الرب التقاه وطلب أن يقتله، فأخذت صفورة صوانة وقطع غرلة ابنها ومست رجليه، فقالت: إنك عريس دم لي، فأنفك عنه، حينئذ قالت عريس دم من أجل الختان.
ثم قال الرب لموسى قل لهارون: خذ عصاك ومد يدك على مياه المصريين، على أنهارهم وعلى سواقيهم وعلى آجامهم، وعلى كل مجتمعات مياههم لتصير دما، فيكون دم في كل أرض مصر، في الأخشاب وفي الأحجار، ففعل هكذا موسى وهارون كما أمر الرب. رفع العصا وضرب الماء الذي في النهر أمام عيني فرعون وأمام عيون عبيده، فتحول كل الماء الذي في النهر دما.
Página desconocida