48

سنة الترك ودلالتها على الأحكام الشرعية

سنة الترك ودلالتها على الأحكام الشرعية

Editorial

دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع

Número de edición

الأولى

Año de publicación

١٤٣١ هـ

Ubicación del editor

المملكة العربية السعودية

Géneros

المطلب الأول
دلالة السُّنَّة التَّرْكِيَّة
سُنَّة التَّرْك قِسْمٌ من أقسام السُّنَّة المُطهَّرة، وهي حُجَّة شرعية مُعتبرة، وذلك أنَّ تَرْكَ الرسول ﷺ للشيء دليل على تحريمه؛ فيجب حينئذ تَرْك ما تَرَكَه رسول الله ﷺ.
إلا أن هذا ليس على إطلاقه؛ إذ مجرد تَرْكه ﷺ للشيء لا يدل على تحريم هذا الشيء المتروك، وإنَّما يُستفاد التحريم من تَرْكه ﷺ متى انضم إلى هذا التَّرك القرائن المفيدة للتحريم، ولذا فإنَّ الاحتجاج بتَرْكه ﷺ لا بد أن تتوافر فيه شروط، هذا ما يمكن ذكره إجمالًا، وإليك فيما يأتي تفصيل ذلك في أصول خمسة:
الأصل الأول: أن النَّبيَّ ﷺ إذا تَرَكَ أمرًا من الأمور فإن هذا التَّرك مَحَلٌ للاقتداء والتَّأَسِّي به ﷺ وذلك أن تَرْكِه ﷺ جُزْء من سُنَّته ﷺ إذ سُنَّته تَعُمُّ جميع أفعاله وتَرْكِه ﷺ.
وقد دَلَّ على ذلك عُموم قوله - تعالى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب: ٢١].

1 / 57