47

Día del Islam

يوم الإسلام

Géneros

وبعد أن كان التشبيب بالنساء مقصورا على مقدمات القصائد ظهر عمر بن أبي ربيعة في مكة في عهد عبد الملك يضع القصائد الطويلة في الغزل، وجعلها وقفا على التغزل بمليحات النساء، وخصوصا الحاجات منهن من غير إعلان للجوى ولوعة الفراق كما كان الشأن عند الجاهلين. وأمعن أهل مكة والمدينة في الترف لما نحوا عن السياسة، وفتح الوليد الثاني الخليفة في دمشق بابا جديدا في الشعر العربي وهو القصيدة الخمرية، نعم كان الأعشى يقول في الخمر ولكن لم يبلغ ما بلغه الوليد، فإن قلنا إن الوليد الثاني مخترع فن الخمر في الإسلام حقا - وهو الفن الذي نما وازدهر في ظل العباسيين - لم نبعد. وكان إمامه في ذلك عدي بن زيد النصراني الذي لمع نجمه في آخر عهد المناذرة في الحيرة، وأسرف الوليد في الخمر والنساء، وترف الحياة ونعيمها، وأنفق كل ما كنزه هشام من المال، فشدد على الولاة والعمال في إرسال الأموال لإرواء شهواته، ثم أخيرا قتل في يوم كيوم عثمان، وفي يده مصحف كمصحف عثمان.

وقد اتخذ الأمويون جميعا الشعراء كما تتخذ الأحزاب اليوم الجرائد والمجلات للدعاية لها والذود عنها، فاتخذ معاوية الأخطل، وكان هوى جرير في آل الزبير فاستقدمه الحجاج، وأكرم وفادته واستماله بإحسانه إليه، فمدحه بقصائد عدة، ثم وفد جرير على عبد الملك فأنشده القصيدة المشهورة في مدح بني أمية، وهي التي يقول فيها:

ألستم خير من ركب المطايا

وأندى العالمين بطون راح

وكان هوى الفرزدق مع علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وقال فيه:

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته

والبيت يعرفه والحل والحرم

هذا ابن خير عباد الله كلهم

هذا التقي النقي الطاهر العلم

وكان هوى نصيب الشاعر الأسود مع بني أمية خصوصا عبد العزيز بن مروان وهشام بن عبد الملك، وقد أحبه عبد العزيز فابتاعه ثم أعتقه. وكان من أشد الناس تعصبا للبيت العلوي كثير عزة، وقد غالى في التشيع، وذهب مذهب الكيسانية، وقال بالرجعة والتناسخ، وصرح بمذهبه وجادل فيه خصومه، ومع ذلك لم يضطهده الأمويون، بل عاملوه معاملة حسنة وأجلوه حتى لا ينالهم أذاه.

Página desconocida