46

Día del Islam

يوم الإسلام

Géneros

كذلك استمال النصارى فعوضهم عن كنيسة القديس يوحنا في دمشق، التي كان الوليد وضع يده عليها، بكنيسة القديس توما في الغوطة، بعد أن كانت قد حولت إلى جامع، وخفف من الجزية المفروضة على النصارى في قبرص وأيلة، وعامل الموالي المسلمين معاملة العرب المسلمين؛ فرفع عنهم الجزية التي كان قد فرضها عليهم عمر بن الخطاب، وسمح للمسلمين أن يتملكوا الأراضي في البلاد المفتوحة، بعد أن كان عمر بن الخطاب أبى تمليكهم إياها، وجعلها ملكا للحكومة وهكذا؛ مما يدل على أن عمر بن عبد العزيز ليس مجرد مسلم صوفي متأله كما يدعي بعض المستشرقين، بل هو مسلم يعرف دقائق الأمور، ويواجه بهمة مشاكل الإصلاح، ولكن مع الأسف لم تطل مدته فمات. فخلفه يزيد الثاني ثالث أبناء عبد الملك، والروايات الإسلامية تصوره رجلا مستهترا، انغمس في اللهو والموسيقى، وشغلته القينات والمغنيات، وترك أمور الدولة، ومهامها إلى عملائه وأمراء الأقطار. وقد أسرف العباسيون في نسبة هذه الأمور إليه مع أن تاريخه كان حافلا بالأعمال الجدية الصالحة، فأصلح ديوان القبائل في مصر، وحاول أن يزيل المظالم التي كانت في عهد من قبله، وعامل النصارى معاملة قاسية غير التي عاملهم بها عمر بن عبد العزيز، فاستولى على كثير من كنائسهم، وحطم بعض تماثيلهم ... إلخ.

ومن أساطين الأمويين هشام بن عبد الملك، وقد ساعده على تنظيم الدولة والأخذ بزمامها خالد بن عبد الله القسري، الذي كان لهشام كما كان الحجاج لعبد الملك، وزياد بن أبيه لمعاوية من قبل.

وفي عهد هشام اندفع العرب في بلاد الغرب يتقدمون في الفتوح، فاستمرت الحرب تفتح في أوروبا إلى أن اصطدم بشارل مارتل بين تور وبواتيه في فرنسا سنة 732. وكان يعاب على هشام بخله وحمله ولاته على ابتزاز الأموال، وزيادة الخراج المفروض على نصارى قبرص، ومضاعفة الخراج المفروض على نصارى مصر مما أغضب الأهالي. وكان آخرهم مروان بن محمد الذي يلقب بمروان الحمار؛ لصبره ومقدرته على الاحتمال، وكان أميرا عظيما لولا أنه جاء والدنيا مدبرة. وحكم الأمويون البلاد حكما قبليا عربيا؛ فكانوا يقربون بعض القبائل، وينكلون بالأخرى، وولاتهم مثلهم.

وفي هذا العصر اشتد التمازج بين النزعة العربية والنزعة الإسلامية من جهة وتقاليد الأمم المفتوحة كمصر وفارس، فكانت العادات القديمة ينظر إليها بعين الإسلام، فما وافق منها قبلت وإلا رفضت، فانبثت بين المصريين مثلا عادات كثيرة رومانية، وانبث في العراق عادات كثيرة فارسية، حتى الفقهاء أنفسهم كالشافعي في مصر، والأوزاعي في بيروت، وأبي حنيفة في العراق تأثروا بالقوانين الرومانية والفارسية التي كانت معروفة قبل الإسلام في تلك البلاد.

وأخيرا سقطت الدولة الأموية فكان سقوطها عبرة للمسلمين، ولعل من أهم أسباب سقوطها أنه على أثر قتل يزيد بن معاوية للحسين طويت قلوب الشيعة على الإحن، وودوا لو أتيحت فرصة للخروج على الأمويين، وظلوا يعملون في الخفاء في بذر الدسائس والمؤامرات، فانتشرت الدعوة ضد الأمويين انتشارا عجيبا، وكان مما زاد كرههم قصر الأمويين من عهد معاوية الخلافة وتولية العمل عليهم وعلى من يلوذ بهم.

والأمويون اعتبروا أنفسهم غاصبين للخلافة، فلم يتمكنوا منها إلا بالقوة والقسر، والغاصب دائما خائف، والمغصوب دائما يسترعي عواطف الناس، حتى في أيامنا هذه إذا اضطهد رجال السياسة أحدا حباه الرأي العام بعطفه. فاضطر ذلك الأمويين إلى التجسس على العلويين، وإرهابهم، والتنكيل بهم، وهذا ما جعل عبد الملك بن مروان يستعمل منتهى القسوة في إخماد هذه الفتن، ويده اليمنى في ذلك الحجاج ، وتنسب إليه الخطبة التي يقول فيها: «ألا وإني لا أداوي أدواء هذه الأمة إلا بالسيف، حتى تستقيم لي قناتكم. تكلفوننا أعمال المهاجرين ولا تعملون مثل أعمالهم، فلا تزدادوا إلا عقوبة حتى يحكم السيف بيننا وبينكم. هذا عمرو بن سعيد قرابته قرابته وموضعه موضعه، قال برأسه هكذا فقلنا بأسيافنا هكذا. ألا وإنا نحمل منكم كل شيء إلا وثوبا على أمير أو نصب راية. ألا وإن الجامعة «الغل» التي جعلتها في عنق عمرو بن سعيد عندي. والله لا يفعل أحد فعله إلا جعلتها في عنقه. والله لا يأمرني أحد بتقوى الله بعد مقامي هذا إلا ضربت عنقه.» ولئن شك بعض الرواة في هذه الخطبة؛ فإنها تعبر تعبيرا صادقا عن عبد الملك، ثم إن أقارب الحسين ونسله الذين كانوا أطفالا أيام مقتل الحسين قد كبروا فيما بعد، وصاروا رجالا قادرين على العمل ضد الدولة الأموية إما بأيديهم، أو بدسهم، أو بقلبهم.

وسبب آخر في سقوط الدولة الأموية وهو أن بني أمية لم يرعوا جانب رجالهم العظام؛ فاستغلوهم ثم سجنوهم أو أهلكوهم؛ فموسى بن نصير فاتح الأندلس، وخالد بن عبد الله القسري، ويزيد بن المهلب، وقتيبة بن مسلم، وأمثالهم كلهم كانوا رجالا عظاما، وخدموا الدولة خدمة كبرى، وكانوا أحق بالتبجيل والتعظيم، ولو كانوا في أوروبا اليوم لأقيمت لهم التماثيل وأشيد بذكرهم كل الإشادة، ولكننا نرى موسى بن نصير قد زج به في السجن، ثم مات أشنع موتة، ويزيد بن المهلب نكل به، وقتيبة بن مسلم فاتح ما وراء النهر لم يكافأ على عمله أية مكافأة، بل عذب وأهين، وهذه الأعمال وأمثالها تضعف من نفس المستعدين للنبوغ والعمل الباهر؛ فإذا وجدوا غيرهم من النابغين قد كوفئوا شر مكافأة فت ذلك في عضدهم.

وسبب ثالث، وهو أن المملكة الإسلامية في العهد الأموي قد اتسعت رقعتها كثيرا، فكان من الصعب ضبطها وحسن إدارتها، فتخلخلت إدارتها، ولم يكن كثير من الولاة من الخلفاء بالعظمة التي يستطيعون بها وضع هذه الرقعة الواسعة في أيديهم؛ فدب فيها الفساد.

وسبب رابع ، وهو أن الخلفاء - كما روي عنهم - مالوا إلى الترف والنعيم ميلا ازداد بالتدريج مع الأيام، فبعضهم في أول أمره أباح شرب الخمر في مجلسه، ثم تطور الأمر إلى أن يشربوها هم أنفسهم.

وكان الشعر الأموي سجلا لما كان هنالك من أحداث. فالأحقاد القبلية قد عادت واتخذت أشكالا جديدة أكثر عنفا، وكان الصراع بين قيس وكلب قد اشتد طوال عشرات السنين، فظهر ذلك في العصر الأموي. وكان شاعر البلاط وهو الأخطل يختصم مع منافسيه جرير والفرزدق في الهجاء المقذع، وانقسم الشعراء إلى الفرق السياسية، كما افترق الناس؛ فكان عبد الله بن قيس الرقيات شاعر عبد الله بن الزبير، والكميت كان يناضل عن حق آل النبي في الخلافة.

Página desconocida