وسمع عسكر أبي العباس بإجفالهم «9»، فشدوا على آثارهم وأثقالهم، وأصابوا [37 أ] منهم غنائم موفورة، وأنفالا غير محصورة. ودخل أبو العباس تاش نيسابور، وجاوزها إلى المعسكر بظاهرها مما يلي الجانب الشرقي حميد الظفر، رضي «1» السعي «2» والأثر. وأنشدني أبو منصور الثعالبي لنفسه في تلك الوقعة:
قل للذي أنا في هواه خاشي ... صاد الفؤاد بصدغه الجماش
صدغ يرى عند الرياح كأنه ... قلب ابن سيمجور أحس بتاش
وله فيه:
إن الشتاء مضى بقبح فاشي ... وأتى الربيع لنا بحسن رياش
ومضى ابن سيمجور بقبح فعاله ... وانتاش أبناء الكرام بتاش
ولزم تاش مناخه ذلك يواصل الكتب إلى بخارى في الاستمالة والاستقالة، والضمان لآنف الطاعة، وعرض النفس والملك بلسان الضراعة، فلجت بابن عزير صلابته في عداوة آل عتبة دون مغايظته ومعاداته ومعاندته، وطفق ينفق على الأمير الرضا ووالدته التي كانت كافلة بالملك، أن تاش معتصم بالديلم، وقاصد قصد الإجحاف بالدولة، وأنه متى [37 ب] أرخي من عنانه فيما يستدعيه، وجب التعزي عنها والتكبير عليها، حتى ظنا أن الأمر كما زعم، فوكلا التدبير إليه، وجعلا زمام «3» الخير والشر بيديه. وقد كنت أروي لصديق لي في تلك الأيام بيتين لابن المعتز «4» سمعتهما في الشباب، وهما:
شيئان لو بكت الدماء عليهما ... عيناي حتى تؤذنا بذهاب
لم تبلغا المعشار من حقيهما ... فقد الشباب وفرقة الأحباب «5»
Página 74