وتذاكر أركان تلك الدولة «11» فيما بين هذه الحال، لزوم صاحب الجيش أبي الحسن «1» مكانه من نيسابور، كلا على صاحبه، لا يناهض خصما، [ولا يجبر وصما] «2» ولا يفتح سدا، ولا يحسن «3» ردا، ولا يغمس في مصالح الدولة يدا. وتناضلوا بينهم ما كان الأمير السديد يصطنعه «4» عليه «5» لالتزازه بالمكان، وجموده «6» عن نصرة السلطان، وزينوا «7» آراءهم على صرفه، والاستبدال به.
وكتب إليه في الصرف، وقلد أبو العباس تاش ما كان يليه من الأمر، فلما ورد الرسول عليه، وأدى ما تحمله على رؤوس الأشهاد إليه، أبت عليه الحمية خطة الهوان، ولقنته الأنفة كلمة العصيان، وطارت نعرة «8» الخلاف في رأسه، فادعى الأمر لنفسه، اتكالا على فرط قوته وبأسه، واعتزازا بأولاده وأعضاده، واستظهارا بجيوشه وأجناده. ثم بيت التدبير، وخمر الرأي والتفكير، فلم يرض بأن تتناقل الألسنة ذكر استعصائه، على شيخوخته في الدولة «9»، وتناهي مدته في الخدمة، وتصور ما يتبع الخلاف من ركوب المصاعب التي [24 أ ] تسلب النفوس جمامها «10»، والعيون منامها، والأموال المذخورة نظامها، إلى ما فيه من التعرض لمكروه النوائب، والتحكك بمحذور العواقب. فرأى أن قبول الضيم على السلامة من لواحق الآفات، أقرب إلى الصواب، وأبعد من المعاب.
Página 47