وكان من جملة القواد بها «1» كيتاش، وبكتاش، وإخوة الحسن بن مالك وأضرابهم من أنياب تلك الدولة ووجوه أنشائها، ورجوم سمائها. فطال هناك ثواؤهم، وقصر عن المراد غناؤهم «2»، لمناعة الحصار «3»، وحصانة سوره، وشدة أغلاقه وسدوده. وأعيا الخندق المحيط به على الفارس أن يعبره ركضا، وعلى الراجل أن يقطعه خوضا، ولإرصاد خلف إياهم بفنون الحيل التي يقل استثباتها بالظن والحسبان، إيهاما للبيات، واطلاعا على مأمون الجهات، وقذفا بجرب الأفاعي عن أفواه المجانيق والعرادات «4»، حتى يضطروا بذلك إلى الارتحال، والتنقل في المضارب والمحال.
وبقوا هناك قرابة سبع سنين على هذه الجملة، حتى فنيت الرجال، ونزفت «5» الأموال، وذهبت الحرائب «6»، وعطبت المطايا والركائب. وكانت هذه من أوائل الوهن على تلك الدولة «7». ومن هناك وهي «8» العقد، وانبثق السكر «9»، وتزايد الفتق، [23 ب] واتسع الخرق. ولكل أمر أمد، ولكل أمة أجل، ولكل ولاية نهاية، يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب «10».
Página 46