وجهة العالم الإسلامي
وجهة العالم الإسلامي
Editorial
دار الفكر معاصر بيروت-لبنان / دار الفكر دمشق
Número de edición
١٤٣١هـ = ٢٠٠٢م / ط١
Ubicación del editor
سورية
Géneros
فسيكون من السهل عليه أن يعرف أوجه النقص فيها، كما سيتعرف على عظمتها الحقيقية، وبهذا تصبح الصلات مع هذا العالم الغربي أعظم خصبًا، لتظفر الصفوة المسلمة إلى حد بعيد بمنوال تنسج عليه فكرها ونشاطها.
ولا شك أن هذا الإشعاع العالمي الشامل الذي تتمتع به ثقافة الغرب، هو الذي يجعل من فوضاه الحالية مشكلة عالمية، ينبغي أن نحللها وأن نتفهمها في صلاتها بالمشكلة الإنسانية عامة، وبالتالي بالمشكلة الإسلامية.
إن تحليلًا كهذا يتيح للمسلم حتمًا أن يقف أمام نظام أوربا بوصفه إنسانًا لا مستعمَرًا، وبذلك تنشأ حالة من التقدير المتبادل والتشارك الخصيب، بدلًا من تلك العلاقة المادية الصرف، التي لم تعد في جوهرها علاقة أوربا المستعمِرة بالعالم الإسلامي القابل للاستعمار، قل ذلك أو كثر.
ولن تقتصر فائدة هذا التعديل على عالم الإسلام فحسب، إذ أن الواقع الاستعماري إذا كان قد أضر بحياة المسلمين إضرارًا بليغًا، فإنه قد أضر كذلك بالحياة الأوربية ذاتها، لأن الاستعمار الذي يهلك المستعمرين ماديًا، يهلك أصحاب أخلاقيًا، وذلك ما يشهد به تاريخ إسبانيا منذ اكتشاف أمريكا.
لكنا نلاحظ أن الأمم الاستعمارية على الرغم من إدراكها لأخطار الاستعمار، تعمى عن هذه الأخطار، كأن هنالك قدرًا محتومًا يقضي على يقظتها ووعيها. ومع ذلك فيجب أن نذكر اتجاه هذه الأمم الآن إلى تعديل علاقاتها السياسية بالبلدان المستعمَرة، فقد أفسحت علاقة السيطرة مكانها شيئًا فشيئًا لعلاقات مؤسسة على الاحترام؛ والهند من شواهد ما نقول.
أما فيما يتصل بأوربا فإن ما ألصقته القرون بعاداتها، وصبغت به حياتها يشق على الاتجاه الجديد أن يعدل حروفه، فما هو بالأمر الهين أن تعدل نفسية
1 / 123